“غزة تستقبل رمضان.. صيام على الألم وإفطار على الصمود”

مقال رأي/الدستور الإخبارية/خاص:

✍️ بقلم: محمد أبوبكر بن قبلان

 

مع حلول شهر رمضان المبارك، تستقبله غزة بجراحها النازفة، بعد أن طالت آلة الحرب الإسرائيلية الأبرياء من أطفال ونساء ومسنين، وسط مشاهد تعكس قسوة الاحتلال الغاشم وهمجيته. ومع ذلك، تبقى غزة عصية على الانكسار، تستقبل الشهر الفضيل بثوب الصبر، وتضيء لياليها بنور الإيمان رغم ظلام المعاناة ففي كل بيت، وعلى كل مائدة إفطار، تمتزج رائحة الطعام بدعوات الصامدين، وتُرفع الأكف إلى السماء طلبًا للفرج والرحمة.

رمضان في غزة.. روحانية تختلط بالألم

رمضان في غزة هذا العام ليس ككل عام، فالشوارع التي كانت تزدحم بالمارة أصبحت شاهدة على الدمار، والمنازل التي كانت تعج بفرحة الأطفال باتت تئن من وجع الفقدان ومع ذلك، فإن هذا الشهر المبارك يظل فرصةً لتجديد الأمل، فالمآذن لا تزال تصدح بالآذان، والمساجد رغم تضررها لا تزال ملاذًا للقلوب المكلومة، تذكر الجميع بأن رمضان هو شهر الصبر والثبات.

موائد بسيطة.. وقلوب غنية بالإيمان

في ظل الحصار والأوضاع الصعبة، تجتمع العائلات حول موائد إفطار متواضعة، بعضها يفتقد لأبسط المكونات، لكنهم يرفعون أكفهم بالدعاء، مؤمنين بأن فرج الله قريب. الجمعيات الخيرية والمتطوعون يبذلون ما بوسعهم لتوزيع وجبات الإفطار والسلال الغذائية، في مشهد يعكس روح التكافل والتضامن، حيث الجود لا يُقاس بغنى اليد، بل بغنى القلوب.

المساجد.. ملجأ للقلوب رغم الدمار

رغم أن بعضها دُمر تحت وطأة القصف، إلا أن المساجد في غزة تظل عامرة بالمصلين، يرفعون الدعاء تضرعًا إلى الله، ويقيمون الصلاة بين الركام، متشبثين بالأمل رغم الألم. التراويح تُقام وسط مشاعر مختلطة بين الخشوع والخوف، حيث يتردد صوت الإمام بين جدران تصدعت لكنها لم تسقط، تمامًا كقلوب أهل غزة التي تأبى الاستسلام.

غزة.. رمضان الصبر والرجاء

رمضان في غزة ليس مجرد شهر للصيام، بل هو امتحانٌ للصبر والإيمان، وصرخة في وجه الظلم تؤكد أن الحياة في غزة مستمرة رغم الدمار، وأن أهلها وإن حُرموا من الأمن، فإنهم لم يُحرموا من العزيمة. ففي هذه الأرض التي قاومت وما زالت تقاوم، يبقى رمضان شهر التحدي، والتشبث بالحياة، ورسالةً إلى العالم بأن غزة وإن طال حصارها، ستظل شامخة لا تنكسر.

اللهم يا رحمن يا رحيم، يا نصير المستضعفين، نسألك في هذا الشهر المبارك أن تفرّج عن أهلنا في غزة، أن تحفظهم بحفظك، وتحميهم برعايتك، وتجعل لهم من كل ضيق مخرجًا. اللهم كن معهم، وكن سندًا لهم، واجبر قلوب الثكالى والمصابين، واشفِ الجرحى، وارحم الشهداء، وأعد المفقودين إلى أهلهم سالمين.

اللهم إنهم صائمون رغم الجراح، قائمون رغم الخوف، ثابتون رغم الحصار، فثبت أقدامهم، وسدد رميهم، وألّف بين قلوبهم، وانصرهم على من ظلمهم. اللهم اجعل رمضان هذا العام لهم رحمةً وفرجًا ونصرًا، ورد كيد المعتدين في نحورهم، وأرنا في الظالمين عجائب قدرتك.

الوقوف مع غزة.. واجب إنساني وديني

إن معاناة غزة ليست مسؤولية أهلها وحدهم، بل مسؤولية كل إنسان حر وشريف في هذا العالم. لنكن صوتًا لغزة، ولنقف معها بالدعاء، بالمساندة، بالدعم بكل أشكاله. لنوصل معاناتها إلى العالم، وننشر قضيتها في كل مكان، ولنؤكد أن غزة ليست وحدها، بل قلوبنا معها، وأفعالنا تنبض من أجلها.

اللهم كن مع غزة وأهلها، وكن نصيرهم ومعينهم، إنك على كل شيء قدير.

مطاعم ومطابخ الطويل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى