لامبالاة حكومة بايدن بالحلفاء تطال قوات إقليم كردستان العراق

[ad_1]
وفي وقت تعاني فيه سلطات الإقليم الذي كانت واشنطن قد دفعت به بعد غزو الجيش الأميركي للعراق إلى حالة من شبه الاستقلال عن الدولة العراقية، أزمة مالية حادّة بسبب تشدّد حكومة بغداد في تمكينه من نصيبه من الموازنة العامّة للدولة، جاء التخفيض الأميركي للمساعدة المالية المخصصة لقوات البيشمركة الكردية ليعمّق أزمة هذه المؤسسة الأمنية التي تعاني أصلا حالة من الانقسام الداخلي بسبب ازدواجية توزّع انتماء عناصرها وقياداتها بين الحزبين الكبيرين في الإقليم؛ حزب الاتّحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني.
وورد في تقرير لموقع المونيتور أنّ قرار التخفيض تمّ اتخاذه على خلفية فشل سلطات الإقليم في إصلاح مؤسسة البيشمركة ومحاربة الفساد داخلها وإنهاء انقساماتها.
ورغم أنّ لقيادة الإقليم مسؤولية في خسارة جزء من الدعم الأميركي للبيشمركة بسبب عجزها عن إنجاز الإصلاحات المطلوبة، إلاّ أنّ قرار خفض المساعدات أثار تساؤلات المراقبين بشأن جدوى اتّخاذه في هذا التوقيت بالذات الذي يواجه فيه الحلفاء الأكراد العراقيون تهديدات جدية من قبل أذرع إيران السياسية والأمنية في العراق، بينما تتعرض القوات الأميركية الموجودة على الأراضي العراقية والسورية بحدّ ذاتها لتهديدات متكررّة من قبل ميليشيات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
وبحسب خبراء الشؤون الأمنية، فإنّ تلك التهديدات ترفع من قيمة تحالف الولايات المتّحدة مع أكراد المنطقة الذين يمكن لمناطقهم أن تتحوّل إلى مركز نفوذ رئيسي وتواجد عسكري بديل في حال اضطرّت حكومة بايدن إلى سحب قواتها من باقي القواعد المنتشرة في عدد من أنحاء العراق.
ولفت هؤلاء إلى أنّ البيشمركة الكردية رغم ما تشكوه من اختلالات تظل تمثّل قوة توازن ولو نسبي مع الميليشيات التابعة لإيران والتي أظهرت خلال السنوات الأخيرة رغبة في التمدّد إلى مناطق شمال وغرب العراق على غرار سنجار وتلعفر وكركوك.
وبناء على ذلك يصنّف المراقبون خفض المساعدة المالية للبيشمركة ضمن السياسات التي اتّبعتها إدارة بايدن تجاه جميع حلفائها في المنطقة والقائمة على التراجع عن الالتزام التقليدي للولايات المتّحدة بأمنهم واستقرارهم في إطار حالة مستقرّة على مدى عقود من الزمن تقوم على تبادل تأمين المصالح المشتركة لكلا الطرفين.
وبموجب قرار التخفيض أصبحت الحكومة الأميركية تساهم في تأمين الرواتب الشهرية لمنتسبي البيشمركة بمبلغ خمسة عشر مليون دولار عوضا عن عشرين مليون دولار كانت تدفعها في السابق.
قرار التخفيض تمّ اتخاذه على خلفية فشل سلطات الإقليم في إصلاح مؤسسة البيشمركة ومحاربة الفساد داخلها وإنهاء انقساماتها
وتقول مصادر كردية إنّ مبلغ الخمسة ملايين دولار التي تم خصمها ذات تأثير ملموس على عملية تمويل البيشمركة وتوفير مستلزماتها نظرا للمصاعب التي يواجهها الإقليم في تمويل قطاعات أخرى مثل قطاع التعليم الذي يشهد اضطرابا بسبب إضرابات المدرّسين احتجاجا على عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية.
ويُستخدم التمويل الأميركي، وفقا لذات التقرير، في دعم رواتب حوالي أربعة وخمسين ألفا من المنتسبين الذين يخدمون في الوحدات التي تقودها وزارة شؤون البيشمركة في حكومة إقليم كردستان العراق، بالإضافة إلى بضعة آلاف من العناصر الذين يخدمون في وحدات يسيطر عليها مباشرة إما الحزب الديمقراطي أو حزب الاتحاد الوطني.
وقال مصدر حكومي أميركي إن الخفض دخل حيز التنفيذ في شهر أكتوبر الماضي بسبب عدم التزام الجانب الكردي بتنفيذ بنود مذكرة التفاهم الموقعة بين الولايات المتحدة وحكومة إقليم كردستان. وأضاف “بذلنا كل الجهود لإعادة تنظيم الشؤون الإدارية والقضاء على الفساد والهدر في وزارة شؤون البيشمركة”، موضّحا أنّ الهدف الرئيسي للحكومة الأميركية “هو توحيد وإعادة تنظيم قوات البيشمركة في إطار عملية الإصلاح”.
واعتبر مسؤول أميركي كبير أن وزارة البيشمركة لم تستوف معايير الإصلاح الداخلي المنصوص عليها في مذكرة تفاهم تم توقيعها في وقت سابق مع واشنطن.
البيشمركة الكردية رغم ما تشكوه من اختلالات تظل تمثّل قوة توازن ولو نسبي مع الميليشيات التابعة لإيران
وفي العام 2017 بدأت الولايات المتحدة في دعم رواتب جنود البيشمركة بشكل مباشر حيث كانت الحملة الكبرى ضد تنظيم داعش لا تزال مستمرة آنذاك.
ولا تسدّ المساعدة الأميركية سوى جزء بسيط من احتياجات حكومة إقليم كردستان العراق التي عانت ماليا على مدى السنوات الماضية بسبب خلافاتها مع الحكومة الاتحادية حول نصيب الإقليم من الميزانية العامّة للدولة العراقية وتقّلب أسعار النفط وتكلفة استضافة أكثر من مليون لاجئ ونازح داخليا. ونتيجة لذلك لم تتمكن من دفع رواتب البيشمركة بشكل منتظم خلال الحرب. ولضمان وجود قوة قتالية فعالة وتخفيف الأعباء المالية على أربيل تدخلت واشنطن وقدمت التمويل.
ومنذ ذلك الحين عملت الدول الغربية بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وهولندا أيضا على تشجيع إجراء إصلاحات عميقة للبيشمركة ولاسيما عدم تسييس المؤسسة الأمنية والنأي بها عن الانقسامات الحزبية.
ومع ذلك فإن تنفيذ برنامج الإصلاح كان بطيئا بشكل مخيب للآمال. ويُنظر إلى الخلافات السياسية بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني على نطاق واسع على أنها العائق الرئيسي، حيث يتردد الطرفان في التخلي عن السيطرة على قواتهما.
وفي سبتمبر 2021 وقّعت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مذكرة تفاهم مدتها أربع سنوات مع حكومة إقليم كردستان تحدد العديد من الأهداف التي يتعين على البيشمركة تحقيقها إذا استمر الدعم عند المستويات السابقة. وحين حلّت الذكرى السنوية الأولى للتوقيع، أصبح المسؤولون الأميركيون أكثر صراحة بشأن عدم إحراز تقدم، وتبعا لذلك أصبح من الواضح أنه ستكون هناك عواقب إذا لم يتم اتخاذ خطوات كبيرة.
وقال جوناثان لورد، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي الجديد ومقره واشنطن، إنّه لا يوجد في القانون الأميركي ما يفرض دفع رواتب البيشمركة أو يحدد المبلغ، مضيفا قوله “يريد الكونغرس دعم البيشمركة لكن الأعضاء والموظفين لديهم تاريخيا مخاوف من أن تكون الرواتب مجرد ضمادة لا تفعل شيئا للاستثمار في أي قدرة دائمة للبيشمركة”.