في حضرة الفريق محمود الصبيحي.. ينطق الوطن حُبًا وهيبةً

مقال رأي/الدستور الإخبارية/خاص:

نايل عارف العمادي

 

في زمنٍ عزّ فيه الرجال وقلّت فيه الهامات الوطنية الصادقة يبرز الفريق الركن محمود الصبيحي كعلامة فارقة في التاريخ اليمني الحديث، الصبيحي رجل دولة من الطراز الأول صقلته السنين وشدّت عوده التجارب فخرج منها أصلب عودًا وأكثر نضجًا وأوسع أفقًا يصدق فيه قول الزبيري.

ونحتقر الحادثات الكبار

إذا اعترضتنا بأتعابها

وسرنا لنفلت من خزيها

كراماً ونخلص من عابها

وكم حية تنطوي حولنا

فننسل من بين أنيابها!

عندما تزور الصبيحي لا تزور مجرد مسؤول أو قائد بل تلتقي بمؤسسة وطنية متكاملة تجلس أمام رجل مفعم بالحكمة، متواضع كالأرض، شامخ كالسنديان، حليم كالبحر، شديد في الحق، لينٌ في التعامل.

رجلٌ إذا تحدث صمت الجميع وإذا أنصت شعرت أنك أمام عقلية نادرة الإحاطة بكل تفاصيل المشهد اليمني سياسيًا واقتصاديًا وعسـ..كر يًا بينه وبين الواقع وقيادة اليوم فرق شاسع غير أنه يأتي المشهد ليقصه من أطرافه ووسطه ليصير مستقيما غير مزعج بكل هدوء كخبير عسـ..كري صاحب نفس طويل أو سياسي محنك ذا رؤية ثاقبة!

وإذا كانت النفوس كباراً

تعبت في مرادها الأجسام

الصبيحي لا يُقاس بمنصبه، بل بما يحمل من همّ وطني وما يختزنه من إخلاصٍ لهذه الأرض التي أحبها، ونذر عمره لها، تجد فيه السياسي المفكر والخبير العسـ..كر ي والإنسان الشهم الذي لا يرد طالب حاجة، ولا يتأخر عن مد يد العون لمن طرق بابه هو لا يهمه من تكون بل ما الذي يمكن أن يقدمه لك يفتح لك قلبه قبل منزله ويمنحك بسمة قبل الحديث ويستقبلك بتواضع لا يصطنعه، بل يسكن أعماقه، ويشعرك أنك ابنٌ له، لا ضيف عليه إتقانه للبساطة العفوية في العيش جعلته مواطن بسيط لا يغيره منصب عن طبيعته بين علو ولا انخفاض لا قصر يسكنه ولا فارهة يركبها ولا أرصدة يملكها عاش الحياة كزاهد فيها راهب عنها أحب الناس فأحبوه!

من جلس مع الصبيحي أدرك حجم الألم الذي يحمله على وطنه وشعبه ولامس الأمل في عينيه بأن اليمن سينهض من تحت ركام الح رب ليبني الإنسان قبل البنيان.

وبعد خروجه من معـ. ـتقلا ت مليـ. ـ.. شيا الحـ.. و ثي لم يعد فقط ليعيش بل عاد ليصنع الفرق ،من قبله كانت الصبيحة مرتعًا للفوضى ساحةً للتهـ.. ــر يب والجـ ـ.ر يمة، ومستنقعًا للعمالة قد امتلأت بالشعارات المزيفة وفجأة صارت نموذجًا يُحتذى به في الأمن، صارت كأنها تتنفس حياة جديدة ما فعله الفريق محمود الصبيحي لم يكن مجرد استتباب أمني أو ضبط فوضى بل كان ثورة هادئة على السلوكيات السلبية، وتحولاً جذرياً في وعي المجتمع القبلي الغيّر مفهوم “الزعامة” من سطـ. ـوة وفوضى إلى حكمة ومسؤولية ومن خطاب الحماسة إلى فعل الدولة.

الصبيحي لم يرفع راية الإقصاء، بل فتح ذراعيه للجميع تحت مظلة واحدة: “الوطن يتسع للجميع”. تسامح مع من أساء، واحتوى من خاصمه، وجعل من القانون مرجعية، ومن العدالة منطلقاً ومن الكرامة عنواناً، آمن بتعدد الآراء وحرية الإنتماء وقيمة الكلمة الوطنية النافعة فقومها لصالح هذا الوطن! يرفض التهم الجزافة ولا يقبل بتوزيع الصكوك الوطنية جزافا؛ إنه معلم في مدرسة الحياة!

اليوم ونحن نتأمل ما آلت إليه أوضاع الكثير من المناطق، ندرك أن ما حدث في الصبيحة لم يكن صدفة، بل ثمرة رجل حمل الوطن في قلبه، وخاض المعر، كة بالوعي، لا بالانتقام.

فهو القمرُ بين ألفِ صغارِ

هو قدوة لجيلٍ أنهكته الحروب، وبوصلة في زمن التيه، ورمزٌ لمن لا زال يؤمن أن القادة يولدون من رحم المعاناة، لا من صالات السياسة وغرف المخـ ـا بر ات وأرصفة الولاء الزائف.

كل هذا تحفظه عبارة واحدة الفريق الركن محمود الصبيحي رجل الدولة الأول في اليمن الحديث!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى