هل اختيار مدينة شبام للاحتفال بـ ـذكـ ـرى 14 أكتـ ـوبر في هذا الظرف مناسب؟
مقال الرأي/كتبه د. خالد سالم باوزير/الدستور الاخبارية

نـ ـكأ الجـ ـراح الماضية ليس في صالح من فكر وقرر إقامة احـ ـتفالـ ـية 14 أكـ ـتوبر في مدينة شبام التاريخية، عاصمة التجارة في حضرموت وملتقى القوافل التجارية القادمة والمغادرة إلى مكة والمدينة المنورة والحجاز ونجد وعُمان وساحل تهامة ومناطق الخليج العربي ..
شبام هي مدينة السلام، ومدينة الرجال الذين انتشروا بتجارتهم ونجاحهم في حضرموت وخارجها، في مناطق الشمال اليمني والسعودية والخليج، بل وربما أبعد من ذلك إلى سواحل البحر الأحمر وشرق إفريقيا والهند وشرق آسيا ..
إلا أن حـ ـادثـ ـة الـ ـسـ ـحـ ـل التي وقـ ـعـ ـت في مدينة شبام سنة 1973م كان لها أثـ ـر بـ ـالـ ـغ في نـ ـفـ ـوس أهلها، فقد مرت سنوات من القـ ـهـ ـر والـ ـخـ ـوف بسبب ما حل بالمدينة من عـ ـمـ ـليـ ـات سـ ـحـ ـل في عـ ـهـ ـد الجـ ـبـ ـهـ ـة القـ ـومـ ـيـ ـة لعدد من الأشخاص بـ ـتهـ ـم محددة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تمت مـ ـحـ ـاكـ ـمتـ ـهم مـ ـحـ ـاكـ ـمة عـ ـادلـ ـة؟ أم أنها كانت مـ ـحـ ـاكـ ـمات ثـ ـوريـ ـة سريعة هـ ـدفـ ـت إلى تثبيت أركان الـ ـنـ ـظـ ـام الحـ ـاكـ ـم آنذاك في حضرموت والجنوب، وإرسال رسالة قوية للشعب الحضرمي مفادها أن من يـ ـعـ ـادي الـ ـنـ ـظـ ـام الـ ـسـ ـيـ ـاسـ ـي في عدن، الممتد نـ ـفـ ـوذه إلى حضرموت ومحافظات الجنوب الأخرى، قد يلقى المـ ـصـ ـير نـ ـفـ ـسه الذي لـ ـقيـ ـه رجال شبام؟ ..
من هنا، نصيحتي للإخوة في المجلس الانتقالي الجنوبي أن يتجنبوا إقـ ـامـ ـة احـ ـتفـ ـالاتـ ـهم بـ ـذكـ ـرى 14 أكتوبر في مدينة شبام، وأن يـ ـخـ ـتاروا مدينة أخرى تكون أكثر قـ ـبولًا، وتـ ـجـ ـنبًا لأي اعـ ـتـ ـراض من العروش والقبائل المؤثرة، مثل قبائل نهد ذات الامتداد القبلي الواسع المـ ـنتـ ـشر في مدن الساحل والوادي والجبال والهضاب، وكذلك قبيلة الصيعر التي أبدت بدورها مـ ـعـ ـارضـ ـتهـ ـا لإقـ ـامـ ـة احتـ ـفـ ـالات أكتوبر للمجلس الانتقالي في شبام، لما قد يـ ـثـ ـيره ذلك من حـ ـسـ ـاسـ ـيـ ـات وربما ضـ ـغـ ـائـ ـن بين السكان ..
السؤال المهم: ما الفائدة والمكاسب التي سـ ـيجـ ـنيها المجلس الانتقالي من إقامة الاحتفال في شبام؟، فالمجلس الانتقالي مكوّن سـ ـيـ ـاسـ ـي وجزء من الـ ـحـ ـكـ ـومـ ـة الـ ـشـ ـرعـ ـية، فهل من المناسب أن يسمح لنفسه بـ ـخلـ ـق صـ ـدام أو احـ ـتـ ـكـ ـاك مع أهل حضرموت الوادي في مدينة شبام؟ ..
إضافة إلى ذلك، يعيش الحضارم في شبام وحضرموت عمومًا وضعًا اقـ ـتصـ ـاديًا صـ ـعـ ـبًا، في ظل غـ ـلاء الأسعار وتـ ـأخـ ـر صرف الرواتب، ورغم ثـ ـبـ ـات نـ ـسـ ـبي في العملة، فإن قيمتها لا تـ ـتنـ ـاسـ ـب مطلقًا مع أسعار المواد الاستهلاكية اليومية، سواء من تجار التجزئة أو الجملة.
ويـ ـعـ ـانـ ـي المواطن الحضرمي من تراجع فرص العمل وتقلص مصادر الدخل ..
لذلك فمن الأجـ ـدى أن تتكاتف الجهود نـ ـحو الـ ـتهـ ـدئـ ـة والابتـ ـعاد عن اسـ ـتفـ ـزاز سكان شبام، وأن تُوجَّه الإمكانات المالية — بدلًا من الاحتفالات المكلفة — إلى تقديم الـ ـدعـ ـم والـ ـمسـ ـاعـ ـدات العاجلة لأهالي شبام خاصة، والوادي عامة، في ظل خـ ـزيـ ـنة دولـ ـة فارغة من الموارد، وملايين المواطنين المـ ـحتـ ـاجـ ـين ، كما يُفترض أن تعمل دول التـ ـحالـ ـف والمجتمع الـ ـدولـ ـي على دعـ ـم حضرموت ومساعدة سكانها على تجاوز هذه الظروف الاقتصادية الصعبة .
وأقولها صادقًا: سأكون مرتاح الضمير إذا وصلت هذه الرسالة إلى كل حضرمي، وإلى كل عضو في المجلس الانتقالي، ليدركوا أهمية حضرموت الآمـ ـنـ ـة المسـ ـتقـ ـرة، التي كانت وستبقى ملاذًا آمـ ـنًا لأهلها ولكل اليمنيين داخلها وخارجها.
والسلام ختام .