التطعيم الإلزامي: حـ. ـرب على الهوية والقيم

مقال رأي/الدستور الإخبارية/خاص:

بقلم: حافظ الشجيفي

 

لو تأملنا في طبيعة الإنسان، لوجدناها تشبه ذلك الجهاز الإلكتروني الذي يُصنع في معامل متقنة، حيث تُحدد مواصفاته الأساسية منذ لحظة تجميع مكوناته الأولى.

فكما أن الهاتف النقال يخرج من خط الإنتاج بقدرات أساسية محددة، ثم يُزود بنظام تشغيل يوجه جميع وظائفه المستقبلية، وكذلك يكون حال الطفل في سنواته الأولى.

فهذه المرحلة الحرجة هي التي تُشكل نظام التشغيل الإنساني، حيث تُبرمج المشاعر، وتُرسَم معالم الشخصية، وتُحدد المسارات الفكرية. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: من يتحكم في “معمل التجميع” البشري هذا؟ ومن يضع “نظام التشغيل” الذي سيسير عليه الإنسان طوال حياته؟

لا ريب في أن الإنسان كيان معقد تنبض فيه التفاعلات الكيميائية الحيوية، فهي وقود مشاعره، ومحرك أفكاره، وهي التي تحدد مواقفه.

والعلم الحديث يؤكد أن السنوات السبع الأولى من عمر الإنسان تشكل اللبنة الأساسية في بناء شخصيته، حيث تتشكل فيها المعتقدات الجوهرية التي ستقوم عليها حياته اللاحقة.

وهنا تكمن الخطورة، ففي هذه المرحلة الدقيقة، حيث يكون عقل الطفل كالصفحة البيضاء، وعواطفه كالعجينة الطرية، تأتي برامج التطعيم الإلزامية بذريعة وقاية الجسد من أمراض مزعومة، بينما هي في حقيقتها أدوات لتشكيل الشخصية وفق قوالب محددة سلفاً.

لطالما قُدّمت اللقاحات للأمهات والآباء على أنها درع وقاية من ستة أمراض خطيرة لاطفالهم. ولكن الملاحظ أن هذه اللقاحات تحيطها هالة من السرية والاحتياطات الغريبة على التعامل مع المستحضرات الطبية.

فهي لا تصرف في الصيدليات كسائر الأدوية، ولا يسمح بتداولها خارج إطار الحملات الميدانية المباشرة، التي يشرف عليها المندوبون في حملات التلقيح التي تذهب لكل بيت وهذا الحرص الشديد يثير التساؤلات حول حقيقة هذه المواد الكيميائية التي تُحقن في أجساد أطفالنا في أهم مراحل تكوينهم.

والناظر إلى الأجيال الحالية يلاحظ بوضوح ظواهر نفسية واجتماعية لم تكن مألوفة بهذا الحجم في الأزمنة الماضية.

فهاهم شباب اليوم يظهرون ضعفاً في الارتباط بجذورهم، واهتزازاً في الثوابت القيمية، وافتقاراً إلى الغيرة الوطنية، وضعفاً في المواجهة، واهتماماً مفرطاً بالمصالح الشخصية على حساب القضايا العامة.

أفليس من المنطقي أن نتساءل عن دور تلك المواد الكيميائية التي دخلت أجسادهم في مرحلة التأسيس الأولى في تشكيل هذه الشخصيات “المائعة” كما يُوصفون؟

يُقولون إن هذه اللقاحات تحمي من شلل الأطفال، ولكن الواقع يشهد بشلل آخر يصيب الإرادات ويعطل المقاومة. ويُزعمون أنها تقي من الحصبة الجسدية، ولكننا نرى “حصبة قيمية” تعمي البصائر وتضعف الشخصيات. فهل من المصادفة أن تتزامن الحملات المكثفة للتطعيم مع ظهور أجيال تفتقر إلى الصلابة والمقاومة والارتباط بهويتها الأصيلة.

إن مسؤولية حماية أجيالنا لا تقتصر على حماية أجسادهم من أمراض مزعومة، بل هي في المقام الأول حماية لعقولهم وأخلاقهم وقيمهم الاصيلة من أي مؤثرات خارجية تشكل شخصياتخم المستقبلية وفق رغبات قوى خفية.

فكما نحرص على اختيار الغذاء النظيف لأطفالنا، يجب أن نحرص على اختيار ما يدخل أجسادهم من مواد كيميائية قد تكون أكثر خطورة من أي مرض.

فالأمة التي تريد الحفاظ على هويتها وشخصيتها، يجب أن تكون يقظة تجاه كل ما يمس بناء أطفالها في مراحلهم العمرية الاولى، لأن هؤلاء الأطفال هم رجال المستقبل، وعماد الأمة، وصانعو حضارتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى