اليمنيون بين نعمة ضيّعوها، ونقمة جلبوها بأيديهم!

مقال رأي/الدستور الإخبارية/خاص:

في سجلّ الأمم الساقطة، تبرز بعض الشعوب كأمثلةٍ حيّة على كيفية تحويل النعمة إلى نقمة، والحضارة إلى أطلال. ولسوء الحظ، فإن سبأ – رمز اليمن التاريخي – تقف شاهدةً على خيانة الإنسان للفضل الإلهي، وانتحاره التدريجي بكفره وعنجهيته.

حين أنعم الله عليهم، قال لهم في محكم كتابه:

“كلوا من رزق ربكم واشكروا له، بلدة طيبة ورب غفور.”

(سبأ: 15)

لكنهم أعرضوا، وجحدوا، وأشركوا، وتمرّدوا.

فما كانت النتيجة؟

عقوبة إلهية ساحقة مدمرة: سيلٌ عرمٌ أطاح بجنّاتهم، وأغرق تاريخهم، ومسح ما تبقى من ازدهارهم.

“فأعرضوا، فأرسلنا عليهم سيل العرم، وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكلٍ خمطٍ وأثلٍ وشيء من سدرٍ قليل”

(سبأ: 16)

تخيّلوا: جنّتان فاخرتان تتحولان إلى أشجار شوكية لا يأكل منها سوى الدواب. هذا ليس مجرّد عقاب… بل درس للأمم.

هل تبدّلت الأخلاق؟ للأسف، لا!

من يراقب سلوكيات كثير من اليمنيين – في الماضي والحاضر – يجد أن الطبع واحد:

كفران النعمة، تعليق الفشل على “القدر”، وتقمّص دور الضحية المزمنة.

وإذا جاءهم رزقٌ، لم يسعوا لحفظه، بل تسابقوا لتبديده.

وإذا جاءهم ناصحٌ، نبذوه.

وإذا رأوا ناجحًا، ح.ـسـ.ـدوه.

وإذا جاءهم الـ.ـدمـ.ـار، بكوا وشكوا وقالوا: “نحن م.ـظـ.ـلـ.ـومـ.ـون!”.

أيّ ظ.ـلـ.ـمٍ هذا الذي صنعوه بأنفسهم؟

وما أكثر الفرص التي أحبطوها بأيديهم، والنعَم التي قتلوها بجهلهم!

إنَّ ما حدث لقوم سبأ، ليس رواية دينية فقط، بل حقيقة جغرافية موثقة في التاريخ والقرآن.

وما نراه اليوم من معاناة وفوضى وتشرذم في اليمن، هو استمرار لتلك الـ.ـلـ.ـعـ.ـنـ.ـة القديمة التي بدأت بكـ. ـفر النعمة والإعراض عن الله.

إلى متى سيبقى العقل اليمني محبَطًا، والهمّة مثقوبة؟

إن الله لا يُغير ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم.

فمتى يفيق من ظنوا أن المجد يُنال بالـ.ـلـ.ـطـ.ـم، والرزق يُؤتى بالـ.ـحـ.ـقـ.ـد، والنصر يأتي عبر الشكوى؟

ربما آن الأوان ليقرأ اليمنيون سورة سبأ، لا كمجرّد آية، بل كمرآة مرعبة تعكس وجوههم!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى