عيدٌ على أصوات الرصاص.. وعيدٌ برائحة العود!

مقال رأي/الدستور الإخبارية/خاص:

الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب

 

العيد فرحةٌ تغمر البيوت، تجتمع العائلات، يتبادل الأحبة التهاني، وتفوح رائحة العود والعطر من الثياب الجديدة.

لكن هناك عيدًا آخر، عيدًا بطعم البارود ورائحة التراب، عيدًا لا يُعرف فيه سوى صوت الرصاص، حيث الرجال يرابطون على الجبهات، عيونهم لا تنام، وأيديهم على الزناد، يحرسون الجنوب بأرواحهم لنحيا نحن بأمان.

 

العيد في الجبهة.. لا تهانٍ ولا لقاء:

 

في الوقت الذي نُقبل فيه على والدينا، ونحتضن أبناءنا، ونُعايد إخواننا، هناك من يعايد بندقيته، يتفقد رفيقه الجريح، ويترحّم على صديقه الذي رحل في معركة الأمس.

لا صوت لـ”عيد مبارك” عندهم، بل أصوات اللاسلكي والنداءات العسكرية، ولا ملابس جديدة سوى بزاتهم الملطخة بتراب الخنادق.

 

هؤلاء هم رجال الجنوب، الذين اختاروا أن يكونوا سياجًا يحمي أرضهم، ليحظى أطفالنا بفرحة العيد، ويظل وطننا محصنًا ضد كل اختراق.

 

نحن والعيد.. فرق المسافات والمشاعر:

 

نحن نلبس الجديد، وهم يتجدد غبار المعارك على أكتافهم.

نحن نجتمع حول موائد عامرة، وهم يقتسمون خبزهم الجاف.

نحن نتنقل بحرية، وهم ثابتون في مواقعهم، لا يعرفون إن كان هذا العيد سيكون الأخير لهم أم لا.

 

رسالة إلى المرابطين في الجبهات:

 

يا من تعيّدون على أصوات الرصاص، وتستقبلون العيد بعيون ساهرة وقلوب ثابتة، نعلم أن الكلمات لا تكفي، وأن الشكر لا يوازي تضحياتكم، لكننا نقف احترامًا لكم، ونرفع أيدينا بالدعاء أن يحفظكم الله، ويردكم إلينا سالمين غانمين.

 

إلى أهلهم وأبنائهم.. لكم العيد ناقص:

 

إلى أطفال المرابطين الذين ينظرون إلى أقرانهم يحتفلون بآبائهم، ولا يجدون سوى صورة معلقة على الجدار، إليكم كل الحب والفخر، فآباؤكم هم الأبطال الحقيقيون، الذين صنعوا لكم العيد بدمائهم وصمودهم.

 

ختامًا.. العيد ليس للجميع!

 

نعم، العيد فرحة، لكنه ليس فرحة للجميع.. ففي كل بيت شهيدٌ لم يعد، وفي كل أسرة جريحٌ يتألم، وفي كل قلب أمٍّ تنتظر مكالمة قصيرة من ابنها المرابط يخبرها أنه بخير.

 

فبينما نحتفل، لنذكر من يقضون العيد على خطوط النار، ولنجعل من دعواتنا زادًا لهم، ولنعلم أن فرحتنا اليوم هي ثمن تضحياتهم بالأمس وغدًا.

 

كل عام وأنتم الأبطال.. كل عام ودماؤكم هي النشيد الحقيقي لهذا الوطن.

مطاعم ومطابخ الطويل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى