الوعي والثقافة: مفتاح التحرر من الفساد
مقال رأي/الدستور الإخبارية/خاص:

إن الوضع الراهن الذي تعاني منه البلاد، من انهيار اقتصادي وانهيار قيمة العملة وارتفاع الأسعار وتلاعب المتنفذين بها، وفساد في المؤسسات، وعمالة المتسلطين، وأصحاب المناصب الذين لا يتقون الله في ما اؤتمنوا عليه ولم يحققوا سوى مكاسب شخصية فقط، وآخر همهم هو واجبهم تجاه الوطن، هو نتيجة مباشرة لعدم الوعي والجهل الذي يعم المجتمع.
تحت مرئ من هم مثلهم، قد ملئت المطامع قلوبهم وغشيت أعينهم المادة، فلم يعد لديهم أي إحساس بالمسؤولية تجاه الوطن والشعب، بل أصبحوا يعتبرون المنصب الذي يشغلونه وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية وتمكين أنفسهم من السلطة والمال.
ماذا نرجوا من هؤلاء؟ لن نتحرر ما داموا على كراسيهم، ولن ننعم بالعدالة ماداموا هم المتحكمين بكل شيء. وأكبر دليل على هذا أنهم لم يحققوا لنا مطالبنا التي تعتبر واجب عليهم أن يعملوا على تحقيقها، وأن يقوموا بواجبهم تجاه أنفسهم أولاً وتجاه الوطن.
كل المشاكل التي تعاني منها البلدان هي نتيجة الجهل وعدم الوعي بما يجب أن يقام به تجاه كل من تسول له نفسه بالعبث والتلاعب بمقدرات الشعب. تخيل معي أخي القارئ لو أن مسؤولاً فاسداً قام برفع سعر البنزين بمقدار بسيط جداً، ليعود هذا عليه بالنفع، ويقوم بأستغلال الشعب ويخلق أزمة من العدم، رغم أن هذا من واجبات الدولة العادلة أن تبحث عن سبب الارتفاع ومن المتسبب به وتقوم بمحاسبته.
إلا أن المواطن هو من يملك الحل قبل أن تملكها الدولة العادلة، أن كانت توجد دولة عادلة أصلاً. فلو أن المواطنين قاموا بتكاتفهم وأوقفوا السيارات في الشوارع العامة، لما استطاع الفاسدون أن يرفعوا سعر البنزين. ولو أنهم قاموا بوقف شراء البيض عند ارتفاع سعره، على سبيل المثال لما استطاع المتنفذون أن يرفعوا سعره.
نحن شجعان ولاكن دون ثقافة، ما ينقصنا هو الوعي والثقافة، نحن شجعان ولكننا لا نعرف كيف نستخدم شجاعتنا. ما ينقصنا هي شجاعة المثقفين، الذين يخيفون الفاسدين ويجعلونهم يفكرون ألف مرة قبل أن يمارسو فسادهم.
الحل الوحيد لإيقاف الفساد هو برفع مستوى الوعي لدينا وتوسيع معارفنا وادراكاتنا. فالمثقف هو من يهابه الفاسدين، وهو من يعرف كيف يفكك شراكهم ويكشف عن مخططاتهم، وهذا ما جعلهم يحاربون العلم والمعلمين في بلادنا.
فالمعركة ضد الفساد ليست معركة فردية، بل هي معركة جماعية تتطلب منا التكاتف والتعاون. وهي معركة تتطلب منا أن نكون مستعدين للعمل معًا، وأن نكون مستعدين لدعم بعضنا البعض.