ملايين الإعاشة تُهدر على بطونٍ شبعى… ورواتب الكادحين تُدفن في جيوب الفساد: أين العقل وأين العدالة؟
مقال رأي/الدستور الإخبارية/خاص:

كتب د. عبدالرزاق عبدالله أحمد البكري.
باحث سياسي وأكاديمي.
أيُّ منطقٍ هذا وأيُّ عقلٍ يقبل أن تُصرف الملايين من الدولارات كإعاشة لأشخاصٍ بلا عمل ولا مهام، يعيشون في فنادق الخارج، يتنقلون بين المطاعم والقصور، دون مكتبٍ ولا وظيفةٍ ولا إنتاجية، سوى صخبٍ إعلامي مدفوع، وفبركةٍ إعلامية رخيصة ضد الجنوب وشعبه؟!
أيهما أحقّ وأجدر: أن تُهدر ملايين الدولارات على بطونٍ شبعى، أم أن تُصرف المرتبات الهزيلة التي لا تتجاوز الثلاثين أو الخمسين دولارًا للموظف الجنوبي الكادح، الموظف الذي يداوم شهورًا كاملة في ظروف معيشية خانقة، ويعود آخر الشهر إلى راتب لا يسد رمق أطفاله ولا يطفئ حرقة جوعه؟
أين العقل؟ أين العدالة؟ أين القانون والدستور؟! مالكم تحكمون، أم لكم كتاب فيه تدرسون؟!
كيف يُسمح بصرف تلك الملايين بقرارٍ مخالفٍ للقانون، ومخالفٍ للسياسة النقدية الجنوبية، بل وصُرفت مباشرة عبر البنك المركزي، دون مرورها عبر وزارة المالية، ودون توقيع أو موافقة رئيس الوزراء، ودون رضى الرئيس عيدروس الزُبيدي نفسه؟! فبأي حقٍ إذًا تُصرف؟ ومن أجاز هذا العبث؟
إنها فضيحة سياسية واقتصادية وأخلاقية، عنوانها نهب المال العام وتكريس سياسة الكيل بمكيالين: جوعٌ وفقرٌ وقهرٌ للمواطن الجنوبي الشريف، وبذخٌ ورفاهيةٌ وثراءٌ لمرتزقة الخارج ومروّجي الإعلام المأجور.
يا سادة، القضية ليست مجرد أموالٍ ضائعة، بل قضية كرامة شعب، قضية عدالة اجتماعية واقتصادية، قضية استهتارٍ بمؤسسات الدولة الجنوبية وامتهانٍ لحقوق الناس.
فإن لم تتوقف هذه المهازل، وإن لم يُحاسَب ويحاكم من صادق على صرف هذه الملايين بلا وجه حق، فإن الثقة بمؤسسات الدولة ستتآكل، وستُفتح أبواب الغضب الشعبي على مصراعيها.
فلتُصرف الرواتب لأبناء الجنوب أولًا، ولتُغلق أبواب الفساد والهدر المالي، وليُفضح كل من يعبث بقوت الناس. فصوت الحق أعلى، والجنوب لا يُدار بالمؤامرات الإعلامية ولا بالصفقات المشبوهة، بل بالعدل والإنصاف واحترام القانون.