تحالف بوتين وشي يعكس مصالح مشتركة… لكن المؤشرات تدل على تعثره

[ad_1]

لأول مرة منذ أن أصدر الرئيس الصيني شي جينبينغ تصريحه الشهير عن الصداقة «غير المحدودة» بين روسيا والصين في فبراير (شباط) 2022 وقبيل بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة حالياً للصين، ويأتي ذلك في الوقت الذي تزايدت فيه المؤشرات على تعثر تلك الشراكة. ورغم ذلك من المحتمل أن يقود الزعيمان البلدين نحو مزيد من التقارب.

377904
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحظة وصوله إلى بكين (رويترز)

وقبل أن يوقع بوتين وشي إعلانهما المشترك، دعا بعض أبرز خبراء السياسة الخارجية الأميركية الولايات المتحدة إلى تبني «استراتيجية العكس» التي اتبعها الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، وذلك بهدف استقطاب روسيا بعيداً عن الصين، بعد أن كان قد تبنى في ذروة الحرب الباردة استراتيجية استهدفت استقطاب الصين بعيداً عن الاتحاد السوفياتي.

وما زال هذا الأمل موجوداً لدى بعض القطاعات الأميركية، حتى أن المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية فيفك راماسوامي روج مؤخراً لفكرة ترك أراضي أوكرانيا التي احتلتها روسيا لها مقابل ابتعادها عن الصين.

ويقول مينشين بيي أستاذ العلوم السياسية، الأميركي من أصل صيني، في تحليل نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، إن مثل هذه الشخصيات تشير إلى عدة تشققات في العلاقة الصينية الروسية. وقد أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى إضعاف روسيا وزيادة عزلتها وجعلها أكثر اعتماداً على الصين. وأي صداقة لا تقوم على التكافؤ بين طرفيها يصعب استمرارها، كما حدث في التحالف الصيني السوفياتي المضطرب في خمسينات القرن العشرين.

ورغم الدور الذي تقوم به الصين لدعم الاقتصاد الروسي، فإن بوتين يشعر بخيبة أمل بسبب قرار شي عدم تزويد الجيش الروسي المتعثر في حرب أوكرانيا بالأسلحة المميتة. ويضيف مينشين بيي، الذي يرأس أيضا تحرير مجلة «تشاينا ليدرشيب مونيتور» والمتخصص في شؤون الحكومة الصينية والعلاقات الأميركية الآسيوية في تحليله، أن عدوان بوتين غير المبرر على أوكرانيا وتوابعه الجيوسياسية أظهرا أيضا اختلافات جوهرية بين كل من روسيا والصين. ففي حين تفضل الصين نمو نفوذها بصبر وبطريقة منهجية، اختارت روسيا التي تعاني تدهوراً مستمراً، المواجهة السريعة بوصفها طريقة وحيدة للمحافظة على وجودها بصفتها قوة عظمى على الصعيد العالمي.

377907
بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ (إ.ب.أ)

في الوقت نفسه أضعفت مغامرة بوتين في أوكرانيا الموقف الجيوسياسي للصين. فإذا كانت هذه الحرب قد أجبرت الولايات المتحدة على تحويل حوالي 77 مليار دولار إلى أوكرانيا، كان يمكن أن تستخدمها واشنطن لتعزيز قدراتها العسكرية التي تستهدف الصين. في المقابل دفعت الحرب الأوكرانية أوروبا إلى أحضان الولايات المتحدة، ومع دعم بكين لموسكو تزايدت المواقف المعادية للصين في القارة الأوروبية.

وكان إضعاف التحالف الغربي هدفاً استراتيجياً طويل المدى للصين، حتى تضمن على الأقل حياد أوروبا في التنافس الصيني الأميركي. لكن بوتين جعل تحقيق هذا الهدف مستحيلاً في المستقبل المنظور بسبب تداعيات غزوه لأوكرانيا. ورغم أن تكلفة التحالف الصيني الروسي أكبر من فوائدها بالنسبة للصين، فإن شي لا يعتزم تقليص خسائره بالتخلي عن بوتين الآن. في الوقت نفسه، جعلت حرب أوكرانيا كلا من روسيا والصين في وضع أسوأ، وبالتالي تحتاجان لبعضهما بعضاً أكثر من ذي قبل.

كما أن إظهار قدرة الغرب على فرض عقوبات اقتصادية مدمرة، وحشد إمكانيات عسكرية ضخمة لمساعدة أوكرانيا، شكل تذكيراً صادماً لكل من بوتين وشي بأن الغرب يمتلك قوة مادية لا مثيل لها، وأنه لا توجد أي فرصة لمواجهة السيطرة الغربية إلا بالبقاء معا. ومن منظور روسيا، لن يتم تعويض خسارة الحياد الاستراتيجي الأوروبي إلا بتعزيز قوة التحالف مع روسيا والقوى الأخرى. وهذا يفسر جهود الصين لتعزيز نفوذها في دول الجنوب العالمي.

والأمر الأهم هو أن تدهور العلاقات الصينية الروسية لم يعد قابلاً للإصلاح، خاصة بسبب قرار شي بالانحياز إلى بوتين. ورغم استمرار المعارك في أوكرانيا، ترى استراتيجية الأمن القومي الأميركي، أن الصين وليس روسيا، أكبر تهديد للولايات المتحدة، وهو موقف تؤكده استطلاعات الرأي العام الأميركي.

377909
بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ (إ.ب.أ)

والآن أصبحت مصلحة الصين الاستراتيجية تحتم عليها مساعدة روسيا على البقاء في المشهد الدولي لأطول فترة ممكنة. وبالطبع كلما أصبحت روسيا أضعف، زادت دوافع الصين لمساعدتها، لأن البديل في هذه الحالة هو وقوف الصين بمفردها أمام الولايات المتحدة وحلفائها، وهو السيناريو الذي سيفعل شي أي شيء لتجنبه. وأخيراً فإنه بالنسبة لهؤلاء الذين ما زالوا يأملون في تبني استراتيجية نيكسون، يمكن أن تحقق القنوات الدبلوماسية فائدة إضافية. فكلما كانت الاتصالات الغربية مع كل من موسكو وبكين أكثر تواتراً وإنتاجية، زاد احتمال غرس بذور عدم الثقة بين العاصمتين. لذلك فأفضل شيء يمكن أن تفعله الولايات المتحدة هو تشجيع شعور كل من الصين وروسيا بالخوف من احتمال أن تبيع أي منهما الأخرى للغرب إذا كان السعر مناسباً.

[ad_2]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى