لماذا اليابان تكرم المُعَلِّمٌين ويحظون بالتبجيل والتقديس بعد الإمبراطور

مقال رأي/الدستور الإخبارية/خاص:

بقـ🖋ـلم/القاضي أنيس صالح جمعان

 

تكرم اليابان المُعَلِّمٌين لأنهم حجر الزاوية في تقدم اليابان وازدهارها بعد الحرب، حيث يُنظر إليهم كحامل العلم والمنظومة الأخلاقية في المجتمع، ولذلك يتمتعون بمكانة مرموقة وتعامل خاص لضمان تحقيق أفضل مستوى للتعليم وتقدم الأمة !!

يعتبر المُعَلِّمٌين في اليابان من أكثر الفئات احتراماً، ويحتلون مكانة مرمرقة في المجتمع.. وتحظى مهنتهم بالتبجيل والتقديس، حيث يأتي تقديرهم بعد الإمبراطور 👑 مباشرة، مما يعني أنه يتفوق حتى على الوزراء والنخب السياسية والدبلوماسية !!

في اليابان.. يعي الجميع أن التعليم هو القوة التي تُمكّن الدولة من الارتقاء وتفادي المعوقات الاقتصادية والاجتماعية، لذلك أدركت اليابان أن التقدم الاقتصادي يكمن في التعليم، والمُعَلِّمٌ هو المفتاح لتحقيق ذلك.. وححر الزاوية لبناء الأمة !!

يعتبر المُعَلِّمٌين في اليابان من أكثر الدول التي تضع التعليم في قمة أولوياتها، وقد أدركت منذ فترة طويلة أن أساس تقدمها هو المُعَلِّمٌ، ففي إحدى المقابلات، سُئل إمبراطور اليابان عن السبب وراء تقدم دولته في فترة زمنية قصيرة، فأجاب بكلمات عميقة: (بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلمنا من أخطائهم، ومنحنا المُعَلِّمٌ حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير)، هذه الإجابة الموجزة اختصرت الكثير من الجهد والوقت وأوضحت سر التفوق الياباني، وهو التقدير الكبير للمُعَلِّمٌ، والدعم الحكومي للمُعَلِّمٌين لا يقتصر التكريم على المعنويات، بل يشمل دعماً حكومياً كبيراً يتمثل في رواتب عالية، وحصانة دبلوماسية، ومنح خاصة، ومزايا للمعلّمين !!

في اليابان تحتل وظيفة المُعَلِّمٌ أعلى الوظائف ذات الأجور المرتفعة المُعَلِّمٌ في اليابان بحيث قدر راتب المعلم الياباني بـ 7780 دولاراً، بعد اجور عامل النظافة الذي يقدر بـ 8000 دولار شهرياً بسبب تقدير المجتمع والدولة لدورهم الحيوي وأهميتهم في الحفاظ على نظافة المدينة، ويحظون المُعَلِّمٌين في اليابان بتقدير مجتمعي كبير واحترام واسع !!

تأثير المُعَلِّمٌين في اليابان كبير على المجتمع، ويلقبونه بلقب السعادة تقديراً لقيمته ومكانته في المجتمع، ويُعتبر كل مُعَلِّمٌ ياباني رمزاً أخلاقياً ومثالاً يحتذى به في الانضباط والتعليم، مما ينعكس على نضج الأجيال وتطور الأمة ككل !!

في يوم المُعَلِّمٌ أو في حفل التخرج في اليابان.. يقوم خريجون الثانوية العامة بتكريم أساتذتهم بطريقة تليق بمكانتهم العظيمة في المجتمع، حيث يقوموا بغسل أرجل معلميهم تكريماً لهم على مجهوداتهم واحتراماً لهم، وتقديرا للمجهود الذي بذلوه في تعليمهم وإنشائهم نشأة صالحة، هذا التصرف قد يبدو غريباً للعديد من الثقافات الأخرى، لكنه في اليابان يُعد تعبيراً عن شكر عميق لما قدّمه المعلم من أجلهم.

في اليابان.. هناك شراكة بين المنزل والمدرسة تساهم بشكل كبير في تحقيق الانضباط والاحترام في المدارس، وهذا التناغم بين الأسرة والمُعَلِّمٌ يضمن بيئة تعليمية مثالية تثمر عن أجيال متعلمة ومنضبطة، تبدأ منذ مرحلة الطفولة المبكرة، حيث يزرع الآباء في نفوس أطفالهم احترام المُعَلِّمٌ في السنوات الأولى من التعليم، هذا الاحترام والتقدير ينتقل من المنزل إلى المدرسة، ليجد الطلاب أنفسهم في بيئة تعليمية تحترم المعلم وتقدره !!

في الدول العربية وخاصة اليمن.. لا يوجد اهتمام من الدولة بتكريم المُعَلِّمٌ مادياً واجتماعياً، حيث يعتبر راتب المُعَلِّمٌ في اليمن من ادنى الاجور في العالم بما يساوي 60 دولار تقريباً..لكن التركيز ينصب على التقدير المعنوي والروحي للمُعَلِّمٌ، حيث ما زال المجتمع يُشهد تقديساً واحتراماً لمهنة التعليم حيث يُعد دوره بناءً للأمة ويُنظر إليه كرسول يحمل العلم والمعرفة.

فالتكريم العربي تمثّل في شعر أمير الشعراء أحمد شوقي “قم للمُعَلِّمٌ وفه التبجيلا.. كاد المُعَلِّمٌ أن يكون رسولا” الذي يشير إلى مكانة المعلم العالية وتوجيه الاحترام له، بينما في اليابان يُعطى المُعَلِّمٌين تقديراً كبيراً، ووضع اجتماعي رفيع بسبب دورهم في بناء المجتمع وتشكيل الأجيال، بالإضافة إلى توفير رواتب مجزية ودعماً مادياً كبيراً ورعاية.صحية متكاملة وغيرها، حيث يُنظر إلى مهنة التعليم كركيزة أساسية في المجتمع، مما يؤدي إلى معاملة المُعَلِّمٌ باحترام وتقدير كبيرين وتوفير بيئة داعمة له.

خاتمة.. هناك مثل ياباني يترجم سر نجاح اليابان في كل المجالات دون منازع، فحوى ذلك المثل (ابتعد عن المُعَلِّمٌ سبعة أقدام حتى لا تدوس على ظله بالخطأ).. وفيه جسّدت اليابان عظمتها، وتقدمها ورقيها من باب احترام المُعَلِّمٌ وجعله من الفئة الأولى، وذلك بتقدير واحترام المُعَلِّمٌ، لكونه مصدر العلم والمعرفة، حتى لو كان ذلك عن غير قصد.. الظل هنا يمثل رمزاً للمُعَلِّمٌ وشخصيته !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى