انتهاكات حقوق الإنسان في محافظة الضالع جنوب اليمن على يد ميليشيات الحوثي
الدستور الاخبارية|تقرير.. الناشط السياسي شارد مثنى مصلح قاسم

تتصاعد الانتهاكات الإنسانية التي ترتكبها ميليشيات الحوثي في محافظة الضالع جنوب اليمن منذ سنوات توثق التقارير المحلية والدولية عدداً كبيراً من الجرائم التي مست حياة المدنيين بشكل مباشر، وخلفت آثاراً عميقة في البنية المجتمعية والإنسانية للمحافظة.
مقدمة
شهدت محافظة الضالع، الواقعة جنوب اليمن، انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان منذ سيطرة ميليشيات الحوثي عليها في 8 أغسطس 2015. هذه الانتهاكات لم تقتصر على المواجهات العسكرية فحسب، بل شملت عمليات قمع وتنكيل ضد المدنيين، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، التعذيب، استخدام المدنيين كدروع بشرية، وتدمير المنشآت الحيوية. هذه الانتهاكات لا تزال مستمرة حتى الوقت الحالي سبتمبر 2024.
تقع الضالع في موقع استراتيجي يفصل بين شمال اليمن وجنوبه، وهو ما جعلها ميداناً لمعارك عنيفة بين القوات الحكومية الشرعية وميليشيات الحوثي. بعد سيطرة الحوثيين على المحافظة في أغسطس 2015، تعرض السكان المدنيون لسلسلة من الأعمال الانتقامية والممنهجة التي تهدف إلى كسر أي مقاومة محلية للميليشيات. وقد أدى هذا إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في المحافظة بشكل غير مسبوق.
وثقت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية مئات حالات الاعتقال التعسفي التي طالت ناشطين سياسيين، حقوقيين، وصحفيين، فضلاً عن مدنيين لا علاقة لهم بالنزاع المسلح. تُشير التقارير إلى تعرض المعتقلين لأساليب تعذيب قاسية مثل الضرب المبرح، الصدمات الكهربائية، والإجبار على البقاء في أوضاع جسدية مؤلمة لفترات طويلة. العديد من هؤلاء المعتقلين لا يزالون في عداد المفقودين حتى اليوم.
تعرضت مناطق واسعة من محافظة الضالع لقصف عشوائي من قبل ميليشيات الحوثي، حيث استُهدفت المنازل والمدارس والمستشفيات. وقد أدى هذا القصف إلى مقتل وجرح مئات المدنيين، بينهم نساء وأطفال. تشير الإحصائيات كثيرة لقوا حتفهم نتيجة القصف العشوائي منذ أغسطس 2015، في حين تجاوز عدد الجرحى الألف.
تعمدت ميليشيات الحوثي استهداف البنية التحتية الحيوية في الضالع، بما في ذلك المدارس والمستشفيات وشبكات الكهرباء والمياه. هذه الأفعال تهدف إلى فرض حصار خانق على المدنيين وزيادة معاناتهم اليومية. كما أغلقت العديد من المرافق التعليمية والصحية أبوابها نتيجة القصف أو التدمير المباشر، مما حرم آلاف الأطفال من حقهم في التعليم والرعاية الصحية.
واحدة من أخطر الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي هي التجنيد الإجباري للأطفال. منذ عام 2015، تم تجنيد مئات الأطفال، بعضهم لا يتجاوز عمرهم 12 عاماً، وإجبارهم على القتال في الصفوف الأمامية. هذه الممارسات تشكل جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً لحقوق الطفل، وتحمل عواقب نفسية واجتماعية طويلة الأمد على الأطفال المجندين وأسرهم.
تدهورت الأوضاع الإنسانية في الضالع بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة نتيجة الحصار الذي فرضته ميليشيات الحوثي والقصف المتواصل. يحتاج آلاف السكان إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بما في ذلك الغذاء والدواء والمأوى. تشير التقارير إلى أن نسبة الفقر والجوع في الضالع وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، في حين تعاني المرافق الصحية من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية.
عملت منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية على توثيق الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي في الضالع منذ 2015. ورغم الصعوبات الميدانية والقيود المفروضة من قبل الحوثيين، تمكنت هذه المنظمات من تقديم تقارير وشهادات توضح مدى فداحة الجرائم المرتكبة. هذه الجهود تهدف إلى ضمان المساءلة القانونية للمرتكبين وتقديمهم للعدالة في إطار القانون الدولي الإنساني.
أثارت الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي في محافظة الضالع إدانات دولية واسعة النطاق. طالبت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية بوقف فوري لهذه الجرائم، وحثت المجتمع الدولي على الضغط على الحوثيين للامتثال للقوانين الدولية وحماية المدنيين. رغم هذه الضغوط، لا يزال الوضع على الأرض متدهوراً، مما يشير إلى الحاجة إلى مزيد من التدخل الدولي لحماية المدنيين ووضع حد لهذه الانتهاكات.
ما زالت محافظة الضالع تعاني من تبعات سيطرة ميليشيات الحوثي عليها منذ أغسطس 2015. وعلى الرغم من الجهود المبذولة للتوثيق والمساءلة، لا تزال الانتهاكات مستمرة، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً وشاملاً من المجتمع الدولي لإنهاء هذه المعاناة المستمرة. قد تكون الضالع مثالاً صارخاً لمعاناة العديد من المناطق في اليمن، حيث تمزج فيها الحرب بانتهاكات حقوق الإنسان لتشكل أزمة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ البلاد.