كيف سيرسم هجوم إسرائيل على إيران خريطة الشرق الأوسط الجديد؟

أخبار وتقارير/وكالات/الدستور الاخبارية

 

بعد شن إسرائيل هجومها الجوي الكبير على إيران صباح الجمعة 13 يونيو(حزيران)، ثم الرد الإيراني الكبير عليها في مساء اليوم نفسه، جعل الشرق الأوسط يشهد واحدة من أخطر المواجهات العسكرية منذ الغزو الأمريكي للعراق في مارس(آذار) 2003.

في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية تقول المحللة السياسية الدكتورة بورجو أوزتشيليك؛ الباحثة الزميلة في برنامج أمن الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، إن الهجوم الجوي الإسرائيلي فتح “صندوق الشرور” على مصراعيه في تصعيد سيعيد تشكيل الشرق الأوسط، وأن العملية العسكرية الإسرائيلية التي حملت الاسم التوراتي “الأسد الصاعد” التي استهدفت كبار قادة الحرس الثوري الإيراني والمنشآت النووية الإيرانية تحدت بقوة الافتراضات التي كانت قائمة عن قدرات الردع الإيرانية.

وترى أوزتشيليك أن إسرائيل استخدمت مزيجاً من عمليات الاستخبارات البشرية والإلكترونية والسيبرانية لتفرض حصاراً على إيران وتقلص خياراتها العملية في بداية الحرب.

ورغم أن الضربات الانتقامية الإيرانية من إسرائيل ألحقت بالأخيرة أضرارا تكتيكية، لكن لا يبدو أنها ترقى إلى المستوى الذي هددت به إيران منذ فترة طويلة. فبالنسبة لدولة مثل إيران، أمضت سنوات في إقامة بنية عسكرية رادعة تستند إلى مبدأ الدفاع المتقدم عبر شبكات إقليمية بالوكالة، وتهديدات صاروخية، يشير الرد المحدود إلى أحد أمرين، إما أن إيران تمارس ضبط نفس مدروس، أو أنها تعاني من محدودية قدراتها العسكرية مقارنة مع الهيمنة الجوية الإسرائيلية والتصعيد الأمريكي المحتمل في الخليج.

وفي ظل التقارير التي تتحدث عن رسائل إيرانية إلى واشنطن عبر قنوات غير مباشرة، تبدي فيها طهران رغبتها في الحوار، فإن السؤال المطروح هو هل هي مستعدة لتقديم تنازلات جوهرية حول برنامجها النووي لوقف المزيد من الضربات الإسرائيلية ومنع التدخل الأمريكي المباشر؟.

والحقيقة أن المطالب الأمريكية المبالغ فيها بالتفكيك الكامل لبرنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، يمكن أن تعرقل مساعي التوصل إلى اتفاق. ويبدو أن طهران بالغت في تقدير مرونة الولايات المتحدة في المفاوضات السابقة، وقللت من شأن استعداد إسرائيل العسكري ورغبتها في المخاطرة.

وحتى الساعات الأخيرة التي سبقت العملية في 13 يونيو(حزيران)، ظلت طهران ترى في الحشد العسكري الأمريكي والتهديدات باستخدام القوة مجرد تكتيكات ضغط نفسي عليها في المفاوضات.

وفور الهجوم الإسرائيلي على طهران، أصدرت دول المنطقة إدانات واضحة، وحشدت جهودها لتمهيد الطريق لخفض التصعيد، ووقف إطلاق النار في أقرب وقت.

وأفادت تقارير بأن طهران ضغطت على دول عربية لحث إدارة ترامب على إجبار إسرائيل على قبول وقف إطلاق نار فوري. وحذر وزير خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد، من “خطوات غير محسوبة ومتهورة” في حال التصعيد.

وفي السنوات الأخيرة سعت دول الخليج إلى جانب القوى الرئيسية في الشرق الأوسط إلى تعزيز حضورها الإقليمي والدولي بالتوسط في تسوية الصراعات. فمصر وقطر تقودان الوساطة بين حركة حماس الفلسطينية وإسرائيل منذ هجمات 7 أكتوبر(تشرين الأول) 2023، كما استضافت تركيا، والسعودية محادثات لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

ورغم ذلك لم تسفر تلك الجهود عن نتائج كبيرة في الحالتين. ولم يكن فشل الوساطة نتيجة افتقار الوسطاء للبراعة الدبلوماسية أو الالتزام ببذل كل ما يلزم من جهد. لكن لأن بمجرد دخول الصراعات مرحلة التصعيد المستمر، يكون من الصعب تغيير اتجاهه في وقت قصير.

نقاط ضعف إيران

وتقول أوزتشيليك التي عملت مديراً مشاركاً في إحدى شركات الاستشارات بلندن أن الاختراق العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي في بداية العملية العسكرية نجح في كشف نقاط ضعف إيران، وتقليص مخزوناتها من الذخائر، وقصف مواقعها العسكرية والنووية الاستراتيجية، وبالتالي أصبح من الصعب إيجاد حل دبلوماسي يمكن للإسرائيليين قبوله.

ومن الواضح أن أي ضغط إقليمي على إيران للتراجع عن “خطها الأحمر” في تخصيب اليورانيوم قد أدى إلى نتائج عكسية.

وذكرت بعض التقارير أن الوسطاء العرب لم يروا أي مؤشر على استعداد إيران لتقديم تنازلات جديدة في المحادثات النووية.

ورغم أن طهران كانت تنوي على الأرجح الحفاظ على قوتها التفاوضية، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا ستعتبران ذلك رفضاً قاطعاً للمفاوضات.

وفي كل الأحوال فإن القوى الإقليمية في الشرق الأوسط تشعر بقلق من أن يكون أي انتصار إسرائيلي في حربها ضد إيران على حساب الاستقرار في المنطقة، لذلك فإن الوصول إلى حل تفاوضي على البرنامج النووي الإيراني يظل الخيار الأفضل من أجل استقرار المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى