الهجمات على الحوثيين .. ما الممرات البحرية التي تسعى واشنطن لتأمينها؟
الدستور الاخبارية/متابعات خاصة

تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر، خاصة مضيق باب المندب، من تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.
وبدأت القوات الأميركية بالفعل شن عمليات عسكرية جوية واسعة النطاق ردا على هجمات الجماعة على حركة الشحن والتجارة البحرية.
والضربات، التي قد تستمر لأيام وربما لأسابيع، هي أكبر عملية عسكرية أميركية في الشرق الأوسط منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير.
وتأتي في الوقت الذي تصعد فيه الولايات المتحدة ضغوط العقوبات على طهران بينما تحاول جلبها إلى طاولة المفاوضات على برنامجها النووي.
وشن الحوثيون عشرات الهجمات على حركة الملاحة الدولية منذ نوفمبر 2023، في حملة قالوا إنها تأتي “دعما للفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل على حركة حماس في غزة”.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الحوثيين هاجموا السفن الحربية الأميركية 174 مرة في حين هاجموا السفن التجارية 145 مرة منذ 2023.
ممرات بحرية في مرمى الحوثيين
يستهدف الحوثيون مناطق بحرية استراتيجية تربط بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا.
أهم هذه الممرات هو مضيق باب المندب الذي يعتبر نقطة عبور استراتيجية تربط بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.
يقع مضيق باب المندب بين اليمن في الشمال الغربي وجيبوتي وإريتريا في الجنوب الشرقي، ويفصل بين البحر الأحمر وخليج عدن.
ويربط مضيق باب المندب بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس، ما يجعله مسارا أساسيا للسفن القادمة من آسيا والمتجهة إلى أوروبا.
يمر من خلاله نحو 15 في المئة من حجم التجارة العالمية، مما يجعله ذا أهمية قصوى لحركة الملاحة الدولية.
يستهدف الحوثيون السفن التي تمر في البحر الأحمر أيضا، الذي يربط مضيق باب المندب جنوبا وقناة السويس شمالا.
يعتبر البحر الأحمر شريانا حيويا لنقل البضائع، وتمر عبره آلاف السفن التجارية سنويا، حيث يعد مسارا مختصرا للسفن المتجهة من المحيط الهندي إلى البحر المتوسط، بدلا من الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا.
تأثرت أيضا قناة السويس المصرية التي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط بهجمات الحوثيين.
وكان يمر عبر قناة السويس قبل هجمات الحوثيين حوالي 12 في المئة من التجارة العالمية، وخاصة ناقلات النفط والغاز الطبيعي.
وأجبرت الهجمات شركات شحن على تحويل مسارات السفن من قناة السويس إلى مسار رأس الرجاء الصالح الأطول حول إفريقيا، مما أثر على سير حركة التجارة العالمية بتأخير عمليات التسليم وزيادة التكاليف.
وكبّدت التوترات في منطقة البحر الأحمر مصر وحدها خسائر تبلغ نحو 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس خلال عام 2024، أي ما يعادل أكثر من 60 بالمئة من إيراداتها مقارنة بالعام السابق، وفق تصريحات سابقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتشير أحدث البيانات المتاحة إلى أن الإيرادات السنوية لقناة السويس تراجعت بنحو الربع في السنة المالية المنتهية في يونيو، إذ سجلت 7.2 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024 من 9.4 مليار دولار في 2022-2023.
ومنذ نوفمبر 2023، صعّد الحوثيون من هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر، مما أدى إلى إغراق سفينتين، والاستيلاء على أخرى، ومقتل ما لا يقل عن أربعة بحارة.
وخلفت أعمال “قطع الطريق” بالبحر الأحمر خسائر مالية كبيرة، إذ أدت إلى انخفاض حاد في حركة الشحن البحري عبر البحر الأحمر، من 25 ألف سفينة سنوياً قبل الأزمة إلى نحو 10 آلاف سفينة فقط، بانخفاض قدره 60 في المئة، حسب البيت الأبيض.
وأجبرت الهجمات “حوالي 75 بالمئة من السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على إعادة توجيه مساراتها” حول قارة أفريقيا بدلاً من عبور البحر الأحمر.
وأدى ذلك إلى إضافة نحو 10 أيام لكل رحلة، وتكاليف وقود إضافية تقدر بنحو مليون دولار لكل رحلة.
ووفقاً لبيان البيت الأبيض، تسببت هذه الهجمات، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الشحن، في زيادة معدلات التضخم العالمي للسلع الاستهلاكية بنسبة تتراوح بين 0.6 و0.7 بالمئة عام 2024.
كما تضررت التجارة بين أوروبا وآسيا بشكل خاص من هذه الأزمة، حيث كان نحو 95 بالمئة من السفن المتجهة بين القارتين تمر عبر البحر الأحمر في الظروف الطبيعية.
ومن بين أكبر 10 دول مستوردة من حيث القيمة للتجارة عبر البحر الأحمر، 5 دول من الاتحاد الأوروبي.
كما تأثرت موانئ في المنطقة بشكل متفاوت جراء إعادة توجيه مسارات السفن؛ فقد شهدت الموانئ السعودية مثل جدة وميناء الملك عبدالله انخفاضاً حادا في حركة الشحن.
وتراجعت السفن المتجهة إلى ميناء الملك عبدالله بنسبة 88 بالمئة في النصف الأول من 2024 مقارنة بنفس الفترة من 2023، بينما انخفضت في ميناء جدة بنسبة 70 بالمئة، حسب الموقع المتخصص في شؤون الشحن البحري العالمي Lloyd’s List.
بالإضافة إلى ذلك، تسببت الهجمات في إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية للموانئ اليمنية.
وانخفضت عمليات ميناء الحديدة، وهو ميناء حيوي لواردات المساعدات، إلى حوالي 25 في المئة من طاقته التشغيلية، بعد تعرضه لضربات جوية أدت إلى غرق أربع من خمس قاطرات بحرية أساسية وتضرر الخامسة.
هذه التهديدات دفعت الولايات المتحدة إلى النظر في تشكيل تحالفات دولية لتأمين هذه الممرات البحرية.