حكم قضائي يهدد بحرمان معارض مصري من المشاركة في الانتخابات

[ad_1]
وحاولت الحكومة المصرية نزع المعاني السياسية التي ينطوي عليها الحكم على الطنطاوي بقيامها الأربعاء بالإفراج عن ثلاث صحافيات واجهن تهما أبرزها نشر أخبار كاذبة والانتماء لجماعة (الإخوان) محظورة، هن صفاء الكوربيجي وتنتمي لائتلاف حقوقي يدافع عن العاملين في اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وزميلتها هالة فهمي كبيرة مقدمي البرامج، ومنال عجرمة نائب رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون.
وقضت محكمة مصرية الثلاثاء بحبس الطنطاوي سنة مع إيقاف التنفيذ وغرامة 20 ألف جنيه (نحو 500 دولار) ومنعه من الترشح للانتخابات النيابية لمدة خمس سنوات في التهم الموجهة إليه بشأن تداول أوراق تخص انتخابات الرئاسة دون إذن السلطات. وتضمّن الحكم الحبس لمدة سنة ودفع كفالة مالية قدرها 20 ألف جنيه على مدير حملته محمد أبوالديار، والحبس سنة مع الشغل والنفاذ على 21 من أنصار وأعضاء حملته الانتخابية، في القضية المعروفة إعلامياً باسم “التوكيلات الشعبية الموازية”.
وحسب قانون مباشرة الحقوق السياسية فإن الطنطاوي لا يمكنه الترشح في أيّ انتخابات مقبلة حال جرى تثبيت الحكم الصادر من الدرجة الأولى، وثمة فرصة أمامه للاستئناف على أن يصدر الحكم النهائي خلال الأشهر القليلة المقبلة، ما قد يعرقل خطواته المستقبلية بشأن رغبته في تأسيس حزب يكون له دور فاعل في مرحلة الإعداد لبديل مدني يتم تجهيزه للانتخابات الرئاسية بعد ست سنوات.
وأكد مصدر قانوني في تصريحات لـ”العرب” أن الطنطاوي وباقي المتهمين لديهم الحق في الاستئناف على الحكم عقب صدور حيثياته في مدة قانونية لا تتجاوز عشرة أيام، مع دفع الكفالة المالية المطلوبة إلى حين صدور الحكم النهائي. واستند الحكم على قانون مباشرة الحقوق السياسية حيال حرمانه من الانتخابات لمدة خمس سنوات، باعتباره الشخص المستفيد من الجريمة التي ارتكبها باقي المتهمين، وأن الحكم الأولي أفقده شرط حُسن السير والسلوك وألا يكون عليه سابقة حكم بالحبس ضمن شروط المشاركة السياسية والترشح لأيّ انتخابات.
وقال نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو هاشم ربيع إن الطنطاوي لن يتمكن من المشاركة في انتخابات الرئاسة المقبلة إذا تم تثبيت الحكم، إلا في حال طعنه على دستورية الانتخابات التي تمنع أيّ شخص من الترشح إذ صدر بحقه حكم قضائي مخل بالشرف، وإن جرى رد اعتباره لاحقا، وفرصة الطنطاوي الرئيسية هي إلغاء الحكم الصادر ضده أخيراً عند مرحلة الاستئناف.
وأوضح هاشم ربيع في تصريح لـ”العرب” أن قدرة المعارض الشاب على إشهار حزبه الجديد مهددة أيضا، لأن قانون تأسيس الأحزاب يشترط أن يكون وكيل مؤسسيه متمتعا بكافة حقوقه السياسية، حسب المادة السادسة من القانون الصادر عام 1977، وهي جملة فضفاضة وتنطوي على تقييد حقوق الشخص للمشاركة في الانتخابات المقبلة، وهو أمر سيكون في حاجة إلى المزيد من التفسيرات القانونية خلال الفترة المقبلة.
ويتفق سياسيون على أن الحكم الصادر بحبس الطنطاوي (مع وقف التنفيذ) يجنب جهات رسمية مغبة توظيف مظلومية تساهم في التعاطف معه شعبيا إذا تم الزج به في السجن، وصدور حكم مبدئي مخفف وإمكانية الإلغاء في مرحلة الاستئناف يبرهنان على أن الهدف ليس تقييد حريته بقدر إجباره على الالتزام بالتقاليد القانونية أثناء عملية الانتخابات وعدم الضغط على الجهات المشرفة عليها وتبني مواقف لها صبغة سياسية.
وأعلنت وزارة الداخلية المصرية في أكتوبر الماضي عن اعتقال عدد من الأشخاص في محافظات مختلفة أثناء تحرير توكيلات مزوّرة لصالح الطنطاوي الذي كان مرشحاً محتملاً للانتخابات الرئاسية، بعدما كشفت التحريات أن المضبوطين وضعوا توقيعات على التوكيلات بزعم أنها صادرة وفقا لمكاتب توثيق رسمية.
ولن يجدي أن تتبنى المعارضة مواقف تصعيدية بشأن الحكم الصادر ضد الطنطاوي، لأن رئيس حزب تيار الكرامة السابق خالف القانون بالفعل، وحديثه المتكرر عن وجود تضييق على أنصاره وقت جمع التوكيلات كان يمكن التعامل معه بحس سياسي لا يدفعه للوقوع في مخالفات قانونية، لأن قادة في أحزاب المعارضة خاضوا الانتخابات، وآخرون اتخذوا مواقف بشأن الانسحاب من السباق مثل حزب الدستور دون أن يلجأ إلى الاحتماء بسبل غير قانونية جاءت بنتائج عكسية.
وقد تخلق إدانة الطنطاوي قضائيا تعاطفا نسبيا معه لدى البعض، وفي ظل أزمات اقتصادية ضاغطة على المواطنين قد يرتدي المعارض الشاب ثوب المظلومية. وأكد رئيس حزب الإصلاح والتنمية (معارض) محمد أنور السادات أن المعارضة تنتظر حيثيات الحكم والاطلاع عليها والتباحث حول الموقف القانوني للمستقبل السياسي للطنطاوي قبل اتخاذ موقف تصعيدي، وتبقى الأولوية لصالح الاستمرار في الإجراءات القانونية التي قد تُفضي في النهاية إلى براءته، وأن الاجتماعات على مستوى عدد من الأحزاب متواصلة للتعامل بشكل موضوعي مع الحكم الأخير.
وذكر السادات في تصريح لـ”العرب” أنه من المؤكد إذا جرى تثبيت الحكم فالمستقبل السياسي للطنطاوي يصبح على المحك بما يقيد عمله السياسي ويقف عائقاً أمام تأسيس حزبه، لكن التعامل مع الأحكام القضائية يجب أن يظل في إطاره القانوني ومسألة تأثير الحكم على الحوار الوطني وتعطيل أجواء العمل السياسي في البلاد سابق لأوانه.
وينتظر سياسيون حدوث المزيد من الانفتاح على الحوار وتوسيع نطاق الحرية في العمل السياسي في الفترة المقبلة التي من المتوقع أن تشهد إجراءات اقتصادية صعبة، بالتزامن مع الرغبة الملحة لتمرير الانتقال السلس في انتخابات الرئاسة بعد ستة أعوام، والتي يسبقها إجراء انتخابات برلمانية العام المقبل.