آخر ورقة في يد طهران .. هل حان وقت التخلي عن الجوكر؟

أخبار وتقارير/إيران/الدستور الاخبارية

 

مع تقلّص نفوذها في الإقليم وتراجع أوراقها الاستراتيجية، تواجه إيران مرحلة مفصلية في سياستها الخارجية، وسط تساؤلات جدية حول إمكانية تخليها عن الورقة الأقوى التي ظلت تلوّح بها لعقود: برنامجها النووي.

ووفق ما قدّمته دانا سترول، مديرة الأبحاث في معهد واشنطن، خلال إفادتها أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، فإن النظام الإيراني بنى استراتيجيته على ثلاث ركائز رئيسية: البرنامج النووي، شبكة الوكلاء والجماعات المسلحة، والترسانة الصاروخية التقليدية.

لكن سترول تشير إلى أن طهران استخدمت هذه الركائز الثلاث لتهديد جيرانها، وزعزعة استقرار المنطقة، وتهديد الوجود الأميركي، والسعي لفرض هيمنتها، إلا أن هذه الأوراق باتت اليوم متهالكة، أو خاسرة، ولم يبقَ لها إلا “الجوكر النووي”.

ضعف استراتيجي واضح

في تحليل نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، يرى الكاتبان جون ف. كيري وتوماس س. كابلان أن المشروع “الإمبراطوري” الإيراني بات في أسوأ حالاته، مع تراجع نفوذ حزب الله وحماس، وسقوط نظام الأسد، وافتقار المجال الجوي الإيراني لأي غطاء ضد إسرائيل، ما يجعل طهران في موقع تفاوضي ضعيف رغم اقترابها من امتلاك القدرة النووية.

كما شكّلت الهجمات الصاروخية الأخيرة التي شنتها إيران ضد إسرائيل اختباراً لترسانتها، لكنها أظهرت – وفق خبراء – ثغرات واضحة في قدرتها الهجومية، خاصة بعد أن تمكنت إسرائيل من صد الهجوم الباليستي المعقّد في أكتوبر الماضي، بمساعدة تحالف دفاع جوي إقليمي تقوده الولايات المتحدة.

النووي على الطاولة

مع تراجع فاعلية أوراق الضغط التقليدية، بات البرنامج النووي هو الورقة الوحيدة المتبقية لإيران، وهي تلوّح بها بقوة في ظل مفاوضات غير مباشرة تقودها سلطنة عمان، وتستعد روما لاستضافة جولتها المقبلة.

وبحسب تقارير دولية، فإن إيران رفعت من وتيرة تخصيب اليورانيوم، إذ أشار مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في يناير الماضي، إلى أن إنتاج إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% قفز من 7 كغم إلى أكثر من 30 كغم شهرياً، وهو مستوى قريب جداً من التخصيب المطلوب لصنع قنبلة نووية.

عودة ترامب.. ضغط متجدد

منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع 2025، عاد الملف النووي الإيراني إلى رأس أولويات واشنطن. فترامب لوّح علناً بـ”الحل العسكري” إذا لم تُفضِ المفاوضات إلى اتفاق جديد، وهو ما أعاد فتح قنوات التواصل عبر وساطة عُمانية.

وترى سترول أن ثمة فرصة واقعية الآن لوقف تقدم إيران النووي، لكنها تشدد على أن ذلك يتطلب من الولايات المتحدة توظيف كل أدوات قوتها: من العمليات العسكرية والعقوبات، إلى برامج الاستقرار والدبلوماسية والمساعدات، لضمان تحجيم التهديد الإيراني.

تاريخ طويل من السعي النووي

البرنامج النووي الإيراني ليس وليد النظام الحالي، بل تعود جذوره إلى خمسينيات القرن الماضي في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، الذي أطلق “برنامج الزهرة” بالتعاون مع إسرائيل. وتوقف البرنامج بعد الثورة الإسلامية عام 1979، لكنه استؤنف عام 1984 تحت غطاء مدني، مع التركيز على تخصيب اليورانيوم وإنتاج البلوتونيوم.

في 2010 دشنت إيران محطة بوشهر للطاقة النووية، ثم توصّلت في 2015 إلى اتفاق نووي مع مجموعة الـ”5+1″، لكن الرئيس ترامب انسحب من الاتفاق في 2018، معيداً فرض العقوبات، وهو ما استخدمته طهران ذريعة لتسريع أنشطتها النووية.

إيران بين التفاوض والتصعيد

بين التصعيد النووي والضغوط الأميركية، تقف إيران على مفترق طرق. فهل تختار طهران تسوية تحفظ ماء وجهها وتبقي على مكاسبها، أم تواصل اللعب بورقة “الجوكر” النووية حتى النهاية؟ الإجابة ربما تتحدد في روما، حيث تترقب العواصم جولة التفاوض المقبلة بحذر.

مطاعم ومطابخ الطويل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى