التوتر الأمريكي البنمي .. ذكريات الغزو وتأثيرها على العلاقات اليوم

الدستور الاخبارية/متابعات خاصة

 

تثير مساعي الرئيس ترامب لاستعادة السيطرة على قناة بنما ذكريات فترة من الطموح والعنف الإمبريالي الأمريكي. يرتبط ميلاد بنما كدولة بشكل مباشر بنضوج الولايات المتحدة كقوة إمبراطورية شابة بعد انتصارها في الحرب الإسبانية الأمريكية عام 1898.

في عصر دبلوماسية السفن الحربية تحت حكم الرئيس ثيودور روزفلت، ساهمت الولايات المتحدة في انفصال بنما عن كولومبيا عام 1903، بهدف تحقيق السيطرة البحرية وتعزيز نفوذها من خلال مشروع ربط المحيطين الأطلسي والهادئ بقناة عبر الغابات الاستوائية في بنما.

أدت مظالم الشعب البنمي بشأن الوجود الأمريكي إلى دفع الرئيس جيمي كارتر عام 1977 للتوقيع على معاهدات تسليم الممر المائي، والتي فرضت حيادًا يضمن مرور السفن من جميع الدول. وقد وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على هذه المعاهدات رغم المعارضة الشديدة من المحافظين.

تعتبر مساعي ترامب لاستعادة السلطة على قناة بنما تطورًا جديدًا في ملحمة استمرت حوالي 150 عامًا، حسب تقرير لـ”وول ستريت جورنال”. في يوم الثلاثاء الماضي، قدمت بنما شكاوى إلى السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن تصريحات ترامب، مشيرة إلى انتهاك ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر التهديد باستخدام القوة ضد حرمة وسلامة أراضي الدول.

تعود فكرة إقامة قناة بنما إلى عام 1534، عندما طلب التاج الإسباني إجراء دراسة لطريق قناة عبر برزخ يبلغ طوله 40 ميلاً، لنقل الذهب والفضة من بيرو إلى إسبانيا. وبدأ العمل في مشروع بناء القناة الأولى عام 1880 بقيادة الدبلوماسي الفرنسي فرديناند دي ليسبس، الذي كان قد حقق نجاحًا في بناء قناة السويس، ولكن المشروع أفلس نتيجة للظروف الجغرافية الصعبة، مما أسفر عن وفاة نحو 20 ألف عامل، معظمهم من منطقة الكاريبي.

قبل المحاولة الفرنسية، كانت شركة أمريكية قد أنشأت خط سكة حديد يربط بين المحيطين لتسهيل نقل الذهب من كاليفورنيا إلى الساحل الشرقي. وفي عام 1903، دعمت الولايات المتحدة استقلال بنما، التي كانت آنذاك مقاطعة كولومبية، تمهيدًا لمشروع القناة. تولت واشنطن المشروع بعد ذلك، وشارك فيها حوالي 45,000 عامل، حيث توفي أكثر من 5,600 شخص خلال فترة البناء التي استمرت 10 سنوات.

تم افتتاح القناة في عام 1914، بعد أن تكلف إنشاؤها 375 مليون دولار، ليكون مشروع القناة أغلى مشروع هندسي أمريكي حتى ذلك الحين. حصلت الولايات المتحدة على السيطرة على منطقة قناة بنما، التي تمتد على مساحة تبلغ حوالي 10 أميال على طول القناة.

في يناير 1964، قُتل 21 بنميًا على يد القوات الأمريكية خلال أعمال شغب مرتبطة برغبة الطلاب في رفع علم بنما في منطقة القناة، مما أدى إلى توترات دبلوماسية بين البلدين. وعقب هذه الأحداث، بدأ البحث عن طرق لاستعادة السيطرة على القناة، حتى تم توقيع معاهدتين من قبل الرئيس كارتر في عام 1977.

نصت المعاهدات على نقل السيطرة على القناة إلى بنما بحلول 31 ديسمبر 1999، بينما احتفظت الولايات المتحدة بحق التدخل العسكري لحماية حياد الممر المائي. وقد أثار تعهد ترامب باستعادة القناة استياء كبيرًا في بنما، حيث يتذكر الكثير من الناس الغزو الأمريكي عام 1989 الذي أسفر عن مقتل أكثر من 500 بنمي و23 جنديًا أمريكيًا.

عند نقل السيطرة على القناة إلى بنما عام 1999، كانت الأقفال الأصلية قد عفا عليها الزمن، مما دفع بنما إلى استثمار أكثر من 5 مليارات دولار في توسيع طاقتها. وأصبح الممر الآن رابطًا حيويًا للتجارة العالمية، مما أدى إلى زيادة الإيرادات وعدد الممرات اليومية للسفن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى