بترومسيلة: هل سيغير مشروع المازوت وجه الاقتصاد اليمني ويحقق الاكتفاء الذاتي؟
الدستور الاخبارية/تقرير خاص

في خطوة طموحة، تبنت شركة بترومسيلة مشروعًا استراتيجيًا يهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على الاستيراد، من خلال توسيع وحدات التكرير وتحديث المنشآت لإنتاج مادة المازوت. يمثل هذا المشروع أحد المبادرات الصناعية الهامة التي تعكس إرادة الوطن في مواجهة التحديات الاقتصادية رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
منذ نوفمبر 2022، توقفت عملية التصدير وواجهت الشركة تحديات كبيرة نتيجة نقص الميزانية التشغيلية. ومع ذلك، لم يقف ذلك عائقًا أمام إصرار بترومسيلة على تحقيق أهدافها. في وقت كانت الدولة تدفع فيه مبالغ طائلة لاستيراد المازوت بالعملة الصعبة، قررت الشركة تحمل المسؤولية الكبرى في دعم الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي لهذا الوقود الحيوي. ورغم أن المشروع تطلب تعديلات هندسية وفنية معقدة، فإن إرادة الشركة كانت أقوى من هذه التحديات.
من التحدي إلى الإنجاز
مشروع توسعة وحدات التكرير يعد مشروعًا ضخمًا يعمل على مدار الساعة. في وحدات المعالجة المركزية، حيث توجد خزانات ضخمة وأنابيب مليئة بالنفط الخام والغاز، تواصل الفرق الهندسية عملها دون توقف، مع اتخاذ إجراءات صارمة لضمان سلامة العاملين والمنشآت. بالرغم من وجود أكثر من 200 عامل في مساحة محدودة، فإن الأولوية القصوى هي الحفاظ على حياتهم وسلامتهم عبر توفير أنظمة مكافحة الحريق وتجهيزات الأمن الصناعي الضرورية في مثل هذه المنشآت.
تتحدث هذه الأحداث عن إصرار مستمر، حتى عندما تطلب الأمر إجراء تعديلات تقنية كبيرة على وحدات التكرير المخصصة لإنتاج مادة الديزل فقط، لتحويلها أيضًا لإنتاج المازوت. كما استلزم المشروع تركيب منصات حقن للمواد الكيميائية المستوردة، التي كانت تكلفتها عبئًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني، إلا أن هذا التحدي تحول إلى فرصة لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل التكاليف.
توسعة المنشآت والتطوير المستمر
لم يتوقف العمل عند هذا الحد، حيث تم بناء خزان بسعة 50 ألف برميل لتخزين المازوت، بالإضافة إلى تطوير محطة ضخ وتوزيع مزودة بخطوط أنابيب بطول 2 كيلومتر، مع أنظمة تسخين كهربائي وعزل حراري لضمان نقل المازوت بكفاءة وأمان. كما تم تجهيز محطة كهربائية بطاقة 28 ميغاوات لتلبية احتياجات المشروع المتزايدة.
التشغيل التجريبي والآفاق المستقبلية
مؤخرًا، تم إجراء التشغيل التجريبي للمشروع بإنتاج 5000 برميل من مادة المازوت، وهي خطوة هامة لاختبار جاهزية المشروع، بما في ذلك عملية المعالجة الكيميائية والضخ والتخزين. ورغم التحديات العالمية التي أثرت على سلاسل الإمداد، خاصة النقل البحري، فإن المشروع يواصل تقدمه بثبات، مع التأكيد على أن تأخر وصول بعض المعدات لن يقف عائقًا أمام إتمام المشروع.
يشكل هذا المشروع ركيزة أساسية لاستراتيجية البلاد في تقليل الاعتماد على الخارج وتحقيق الاستدامة في إنتاج المواد الحيوية التي يحتاجها الاقتصاد الوطني. إن نجاح هذا المشروع يعني فتح أبواب المستقبل أمام الاقتصاد اليمني، من خلال توفير ملايين الدولارات التي كانت تُنفق على استيراد المازوت، كما يسهم في خلق فرص عمل جديدة ويؤكد قدرة الإدارة الحكيمة على التغلب على التحديات وفتح آفاق أكثر ازدهارًا للأجيال القادمة.