عقبة المرحلة الثانية في غزة

أخبار فلسطين/الدستور الاخبارية

 

مازال قطاع غزة، الذي يواجه حرباً إسرائيلية صامتة، ينتظر نتائج الاتصالات الدولية المكثفة للعبور إلى المرحلة الثانية من خطة إنهاء الحرب، دون أن تلوح في الأفق مؤشرات عملية لإنهاء المعاناة الإنسانية. وكلما اختنقت المفاوضات، لجأت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإطلاق وعود وردية، بعضها قابل للتحقق والإنجاز، وبعضها الآخر يتجاوز حدود الخيال.

غالبية شروط المرحلة الثانية من اتفاق إنهاء الحرب مازالت في مرحلة تبادل وجهات النظر، ولم يتم التوافق على تشكيل قوة الاستقرار الدولية ولا الدول المشاركة فيها ولا المهام وخرائط الانتشار. كما لم تتضح الترتيبات اللازمة لضمان حكم غزة من سكانها، ولم يتشكل مجلس السلام الموعود. أما خطط إعادة الإعمار، فمازالت خاضعة لمنطق الحصص والصفقات، ولم تبدأ الخطوة الأولى المتعلقة برفع ملايين الأطنان من الأنقاض التي سببها العدوان الإسرائيلي طوال عامي الحرب المعلنة، ولم تتوقف عمليات القصف والنسف حتى اليوم، بينما بقي الوضع الإنساني متدهوراً رغم إعلان الأمم المتحدة تراجع حالة المجاعة، لكنها أقرت بأن «السواد الأعظم من سكان القطاع يواجه مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي»، وهذا «السواد الأعظم» قدره مفوض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» فيليب لازاريني بأنه في حدود 1.6 مليون شخص، وهم أكثر من ثلاثة أرباع السكان، فيما تشهد الأوضاع الميدانية تدهوراً كبيراً للقطاع الصحي، ونقصاً حاداً في الغذاء والملابس وخيم الإيواء لمقاومة برد الشتاء الذي قضى على عدد من الأطفال، وخصوصاً المواليد الجدد.

قبل ساعات قليلة، عقد وزراء خارجية قطر ومصر وتركيا لقاء مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في مدينة ميامي لتجاوز العقبة أمام تنفيذ المرحلة الثانية، ووضع تصور فعلي لإنهاء تام للحرب ووقف الانتهاكات الإسرائيلية التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء في خطة وقف إطلاق النار، ولتدقيق السقف الزمني للمرحلتين الثانية والثالثة وبيان بنودها وآليات تطبيقها، وخصوصاً ما يتعلق منها بالقضايا المعقدة مثل ترتيبات الأمن وإعادة الإعمار ونزع سلاح «حماس»، وهي قضايا تتخذها إسرائيل ذرائع لعرقلة الخطة، ونوعاً من المقامرة عسى أن تحقق خطة وقف إطلاق النار أهداف الحرب، التي لم تتحقق مثل نزع السلاح وتهجير السكان وإقامة نظام أمني يأتمر بأمر دولة الاحتلال ولا يعارضها في شيء.

تقول الإدارة الأمريكية إنها تضغط لتسريع خطوات إرساء قوة الاستقرار وتشكيل حكومة تكنوقراط شرطاً لتسليم المساعدات ومباشرة إعادة الإعمار، وتعترف أيضاً بأن تحقيق هذه الأهداف قد يستغرق فترة طويلة تتجاوز ثلاث سنوات، وهي مدة قاصمة لآمال الفلسطينيين وستسمح لإسرائيل باستمرار حربها بحجة «الدفاع عن النفس» المشروخة، وستظل تناور وتفتعل التوتر في عموم الأراضي الفلسطينية، ولاسيما في الضفة الغربية والقدس، اللتين تشهدان حملة استيطان غير مسبوقة ومداهمات يومية للبلدات والقرى والمخيمات، وذلك رغم البيانات الأممية الصارخة الداعية لوقف هذا العبث الإسرائيلي.

مرة أخرى، سيكون استكمال مراحل خطة إنهاء الحرب في غزة اختباراً لمصداقية المجتمع الدولي، وفي صدارته الولايات المتحدة، المطالبة بمزيد من الوضوح في التعامل مع القضية العادلة بما يمهد الطريق نحو «حل الدولتين»، ويسمح للسلام بأن يعم المنطقة على ثوابت راسخة لا رجعة فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى