الثروة الحيوانية والفقر: دروس مقارنة بين إثيوبيا والسودان وهولندا
اقتصاد/الدستور الإخبارية/خاص:

تحليل اقتصادي لـ: أ.يحيى محمد مناوس
تلعب الثروة الحيوانية دورًا مركزيًا في الاقتصاد الزراعي للدول، فهي توفر مصادر متعددة للدخل مثل اللحوم، الحليب، والصوف، وتساهم في الأمن الغذائي وتنمية الاقتصاد الريفي. غير أن عدد الحيوانات وحده لا يضمن الرفاه الاقتصادي، إذ يعتمد النجاح على جودة الإدارة، سياسات الدولة، والتقنيات المستخدمة.
في إثيوبيا، تمتلك البلاد حوالي 60 مليون رأس من الأبقار، 35 مليون رأس من الماعز، و5 ملايين رأس من الإبل. هذه الثروة الهائلة يمكن أن تشكل قاعدة لتنمية اقتصادية مستدامة، إلا أن العوائد الاقتصادية لا تزال محدودة. نحو 24٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر، ويرجع ذلك أساسًا إلى ضعف الإدارة، نقص البنية التحتية مثل مرافق التبريد والنقل، وعدم وجود سياسات واضحة لتحويل الثروة الحيوانية إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية، سواء محليًا أو للتصدير. في حالة تحسين الإدارة وتطبيق سياسات دعم الإنتاج والتصدير، يُتوقع أن ينمو العائد الاقتصادي للقطاع الحيواني بنسبة 4–6٪ سنويًا خلال السنوات الخمس المقبلة، مما يمكن أن يرفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى 5–6٪.
أما في السودان، فتبلغ الثروة الحيوانية حوالي 45 مليون رأس من الأبقار، 31 مليون رأس من الماعز، و3 ملايين رأس من الإبل. على الرغم من العدد الكبير، لا ينعكس ذلك على رفاه السكان بسبب الصراعات المحلية، ضعف التسويق، والاعتماد على الرعي التقليدي. غياب الإدارة الفعالة والسياسات الداعمة يحد من قدرة الدولة على توظيف الثروة الحيوانية بشكل استراتيجي لتعظيم العائد الاقتصادي. بتحسين الإدارة وتطوير البنية التحتية، يمكن أن ينمو العائد الاقتصادي بنسبة 5–7٪ سنويًا خلال العقد المقبل، ما يساهم في زيادة مساهمة القطاع الحيواني في الناتج المحلي إلى 6–7٪.
في المقابل، تمتلك هولندا حوالي 3.9 مليون رأس من الأبقار، 500 ألف رأس من الماعز، وأعداد محدودة من الإبل، لكنها تحقق عوائد اقتصادية هائلة بفضل الإدارة الفعالة، نظم الإنتاج الصناعي، الرعاية البيطرية، والتكنولوجيا الحيوانية المتقدمة. تبلغ قيمة صادرات المنتجات الحيوانية حوالي 19 مليار يورو سنويًا، مع معدل نمو سنوي 3–4٪. يمكن التوقع أن تستمر هولندا في زيادة العائد الاقتصادي بنسبة 3–5٪ سنويًا خلال السنوات الخمس القادمة، مع مساهمة القطاع الحيواني في الناتج المحلي نحو 10–12٪، مما يعكس الكفاءة العالية في تحويل عدد محدود من الحيوانات إلى قوة اقتصادية كبيرة.
العائد الاقتصادي للثروة الحيوانية يمتد إلى الصناعات الغذائية، الأسمدة الطبيعية، المنتجات الجلدية، السياحة الريفية، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة. توظيف هذا العائد يتطلب استراتيجيات متعددة الأبعاد تشمل:
تحسين إدارة الثروة الحيوانية والإنتاجية الفردية.
تطوير البنية التحتية للنقل، التخزين، والتبريد.
تنويع المنتجات الحيوانية لتشمل اللحوم، الألبان، الجلود، والصوف.
تشجيع التصدير للأسواق العالمية لزيادة الدخل الوطني.
الاستثمار في التكنولوجيا الحيوانية والرعاية البيطرية لزيادة الإنتاجية والجودة.
جدول مقارنة بين إثيوبيا والسودان وهولندا مع توقع نمو العائد الاقتصادي.
الدولة الأبقار (مليون) الماعز (مليون) الإبل (مليون) مستوى الفقر (%) العائد الاقتصادي / الصادرات العائد الاقتصادي الإجمالي نمو العائد المتوقع الإدارة والسياسات.
إثيوبيا 60 35 5 24 ضعيف نسبيًا منخفض نسبيًا، 2–3٪ من الناتج المحلي 4–6٪ سنويًا إدارة ضعيفة، سياسات محدودة.
السودان 45 31 3 25–30 ضعيف نسبيًا منخفض نسبيًا، نحو 3–4٪ من الناتج المحلي 5–7٪ سنويًا إدارة ضعيفة، سياسات محدودة.
هولندا 3.9 0.5 قليل <5 19 مليار يورو، نمو 3–4٪ مرتفع جدًا، نحو 10–12٪ من الناتج المحلي 3–5٪ سنويًا إدارة فعالة، سياسات متقدمة، استثمار في التكنولوجيا.
الخاتمة
يتضح أن الثروة الحيوانية في إثيوبيا والسودان تمثل فرصة اقتصادية ضخمة لم تُستثمر بالشكل الأمثل بسبب ضعف الإدارة والبنية التحتية والسياسات المفقودة. بالمقابل، هولندا تثبت أن الإدارة الفعالة، الاستثمار في التكنولوجيا، والسياسات الحكومية الشاملة يمكن أن تجعل من عدد محدود من الأبقار والماعز مصدرًا اقتصاديًا ضخمًا. رأيي الشخصي، أن نجاح أي دولة في تحويل الثروة الحيوانية إلى رفاه اقتصادي مستدام يعتمد على تبني سياسات متعددة الأبعاد، استراتيجيات إدارة حديثة، واستثمار ذكي للقطاع الحيواني، مع وضع خطط نمو واضحة خلال 5–10 سنوات لزيادة العائد الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة للسكان.
