اتصال مفاجئ من رئيس وزراء كندا بالناشط اليمني “الغراب” .. ماذا دار بينهما؟
أخبار وتقارير/متابعات خاصة/الدستور الاخبارية

في لفتة إنسانية نادرة تُجسد سـ ـياسـ ـة الترحيب والاندماج التي تنتهجها كندا تجاه الوافدين الجدد، تلقى الناشط الحقوقي اليمني البارز جمال الغراب اتصالاً هاتفياً مباشراً من ديفيد إيبي، رئيس وزراء مقاطعة بريتش كولومبيا، لإبـ ـلاغـ ـه بتهنئة رسمية على وصول ستة من أفراد عائلته من اليمن إلى مدينة فانكوفر، وانضمامهم رسمياً إلى المجتمع الكندي كمواطنين جدد.
القصة بدأت باتصال غير متوقع من مكتب رئيس الوزراء، حيث تحدث شخص مُعرّف نفسه كموظف رسمي في مكتب ديفيد إيبي، وأبـ ـلـ ـغ جمال أن رئيس الوزراء يرغب في التحدث إليه مباشرة، ووفق رواية جمال، فإن أول رد فعل له كان الشك، إذ اعتقد أن الاتصال قد يكون جزءاً من عـ ـمليـ ـة احـ ـتـ ـيال، ما دفعه إلى إنهاء المكالمة فوراً.
لكن التأكيد جاء سريعاً، حيث تلقى جمال اتصالاً ثانياً من مدير حالة في إحدى المـ ـنظـ ـمات الشريكة مع الحـ ـكـ ـومـ ـة الكندية، والتي تُعنى بدعم وتسهيل إجراءات استقرار الوافدين الجدد.
خلال هذا الاتصال، تم توضيح طبيعة المكالمة الأولى، مؤكداً أن الاتصال من رئيس الوزراء حقيقي وله طابع احتفالي وترحيبي.
بعد تبديد الشكوك، أجرى جمال مكالمة هاتفية مع ديفيد إيبي، الذي استهل حديثه بالاعتذار عن سوء الفهم، ثم انتقل إلى تقديم التهاني الحارة باسم الحـ ـكومـ ـة وشعب المقاطعة.
وقال رئيس الوزراء: “أهنئ كندا بانضمام عائلتك إلى مجتمعنا، وأهنئكم أيضاً على وصولكم إلى بلدكم الجديد كندا”، في تعبير يعكس اعتزاز كندا بالتنوع والانفتاح، ويرى فيه الوافدين الجدد ليس فقط كمستفيدين من سـ ـياسـ ـات الهجرة، بل كجزء فاعل من بناء النسيج الاجتماعي.
وأعرب إيبي عن أسفه لعدم إبـ ـلاغـ ـه مسبقاً بوصول العائلة، مشيراً إلى أنه كان من المفترض أن يتم تنظيم استقبال رمزي في مطار فانكوفر، يُرافقه تغطية إعلامية مناسبة، لتسليط الضوء على هذه اللحظة المهمة في حياة العائلة، ولإبراز التزام كندا بدعم اللاجئين والمضـ ـطهـ ـدين حول العالم.
وفي ختام المكالمة، تمنى رئيس الوزراء لجمال وأفراد عائلته حياة كريمة ومستقرة في كندا، وشكره على مواقفه الإنسانية ونشاطه الحقوقي، الذي أكسبه احترام العديد من المؤسسات الدولية.
من جانبه، عبّر جمال الغراب عن امتنانه البالغ لهذه المبادرة غير المسبوقة، مشيداً بـ”اللمسة الإنسانية والرقي المؤسسي” الذي تميّزت به المكالمة.
وقال: “كلمات رئيس الوزراء كانت مشجعة جداً، مليئة بالنصائح الطيبة والتفاؤل، وجعلتني أشعر أننا حقاً في بيت جديد يقدّر الإنسان ويحترم كرامته”.
وأضاف جمال أن هذا الاتصال لا يعكس فقط اهتماماً حـ ـكومـ ـياً بالوافدين الجدد، بل يُعد رسالة قوية عن طبيعة المجتمع الكندي المفتوح والشامل، الذي لا يكتفي بمنح اللجوء، بل يعمل على بناء جسور الاندماج منذ اللحظة الأولى.
ويُنظر إلى هذه الواقعة على أنها نموذج فريد من نوعه في العلاقة بين صناع القرار والمواطنين، خاصة من الفئات التي تأتي من مناطق نـ ـزاع أو تشهد ظروفاً إنسانية صعبة.
كما تُظهر التزام حـ ـكومـ ـة بريتش كولومبيا بسـ ـياسـ ـات الهجرة الذكية والإنسانية، التي تدمج بين الدعم العملي والرعاية المعنوية.
ويُذكر أن جمال الغراب، المعروف بنشاطه الحقوقي في الدفـ ـاع عن حقوق الإنسان في اليمن، قد واجه مخـ ـاطـ ـر جسيمة بسبب مواقفه، قبل أن يُسمح له ولعائلته بالهجرة إلى كندا في إطار برامج اللجوء الإنساني.
ويعتبر وصول ستة من أفراد عائلته إلى فانكوفر وحصولهم على الجنسية الكندية خطوة مهمة في مسيرة إعادة بناء حياتهم في بيئة آمـ ـنة ومستقرة.
هذه الواقعة تُعيد التذكير بقيمة اللمسات الإنسانية في السـ ـياسـ ـة، وتُظهر كيف يمكن للقيادة أن تصنع فرقاً كبيراً من خلال بادرة بسيطة لكنها عميقة الأثر: مكالمة هاتفية من رئيس وزراء لمواطن جديد، يقول له: أهلاً بك في كندا.